يوشع عليه السلام:
يقول الله تعالى: “أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَىٰ إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا ۖ قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا ۖ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ” البقرة:246.
لقد اجتمع الملأ من بني إسرائيل وقالوا لنبي لهم: ابعث لنا مُلكاً نقاتل معه في سبيل الله، وتطلق كلمة الملأ على أشراف القوم ووجوهم، الذين يملكون إدارة الجماعة الكبيرة ولا يزاحمهم في ذلك أحد. إنّ أشراف هؤلاء القوم من بني إسرائيل من بعد موسى قد اجتمعوا للتشاور، ثم ذهبوا إلى نبيهم يسألونه أن يعين لهم ملكاً؛ يقاتلون تحت إمرتهِ.
إنّ هؤلاء القوم من بني إسرائيل المجتمعين عند نبيهم، جاءوا بالعلة الموجبة للقتال، لقد أخرجوا من ديارهم، أي بلغ بهم الهوان أنه لم تعد لهم ديار، وبلغ بهم الهوان بأن تركوا أبنائهم أسرى أو عبيداً، لقد أخرجوا من أبنائهم وديارهم، أي بلغ بهم الهوان أنه لم تعد لهم ديار، وبلغ بهم الهوان أن تركوا أبنائهم أسرى أو عبيداً، لقد أخرجوا من أبنائهم وديارهم فماذا قال نبيهم لهم: “هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا ۖ” إنّ نبيهم يعرِفُهم؛ لذلك يحذرهم ويخشى إنّ كتب الله عليهم القتال، قد يتولى الكثير منهم ولا يقاتلون، فماذا كان جوابهم: “قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا ۖ” ولنا أن نلاحظ الدقة في اللفظ القرآني؛ لنتعلم سعة عطاء الله، لقد قالوا: “نقاتِلُ في سبيل” بالأسباب الموجبة للقتال، وهي أنهم أُخرجوا من ديارهم وتركوا أبناءهم، وهم إما أسري في أيدي الذين أخرجوهم، وإما عبيد.
إذن فإن المسؤولية كاملةً تقع على هؤلاء القوم الذين أخرجوا من الديار وتركوا الأبناء، وعندما طلبوا الإذن من نبيهم بالقتال وأن يولي عليهم مُلكاً يقاتلون تحت رايته، تشكك النبي في قدراتهم، ومع ذلك أصروا فكُتب القتالُ عليهم.
ولنا أن نلاحظ أن الحق سبحانه وتعالى لم يقل: من الذي طلب القتال، ذلك أنهم قد سألوه القتال فأصبحوا شركاء في التعاقد حين كُتب عليهم القتال، ولكن ماذا حدث، قال تعالى: “تولوا إلّا قليلاً منهم” أي أعرضوا عن القتالِ إلّا نفراً قليلاً منهم ثبتوا على الأمر الذي طلبوه، وهو القتال في سبيل الله.
لقد طلب هؤلاء القوم من بني إسرائيل من نبيهم أن يبعث لهم ملكاً، وكان يكفي النبي أن يختار لهم الملك؛ ليُقاتلوا تحت رايته، لكنهم كعادتهم في التلكؤ واللجاجة يريدون أن ينقلوا الأمر نقلةً ليست من قضايا الدين؟ يقول الله تعالى: “وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا ۚ قَالُوا أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ ۚ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ ۖ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ” البقرة:247.
إنهم يريدون الوجاهة والحسب والأصل والمال، إنهم يسألون النبي المرسل إليهم أن يسأل الله أن سيعث لهم ملكاً، فيقول لهم نبيهم: “ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا” أن النبي المرسل يريد أن يطمئنهم إلى أن أمر اختيار هذا الملك ليس مصدره بشريته هو، إنما أمرُ الاختيار جاء من عند الله، لكنهم يدخلون في اللجاجة والتلكؤ؛ فيقولون: “أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ” فقد دخلوا في مثل هذه اللجاجة؛ لأنهم قسموا أنفسهم إلى قسمين:ِ
القسم الأول: هو نسلٌ يأخذ النبوة، وهذا القسم الذي يأتي من نسل بنيامين.
القسم الآخر: يأخذ الملوكية، وهو الذي يأتي من نسل لاوي بن يعقوب عليه السلام.
ولما عرفوا أنّ الله قد بعث طالوت ملكاً عليهم، بدءوا في النظر في صحيفة نسبهِ، فلم يجدوه من نسل الملك أو نسل الأنبياء، فبدأوا في اللجاجة والتلكؤ ردّ الأمر على الآمر، إذن فقد أخذوا المسألة على أن طالوت ملكٌ جاء من أجل أن يُسيطر عليهم، بالرغم أن النبي أخبرهم أن طالوت جاء ليعمل لصالحهم، وليقودهم في الحرب والمعركة، وهكذا يُصبح اختيار طالوت أمراً يُحسب لهم عليهم.
إذن فقد جاء القول الحكيم ليحدد مكانه طالوت بينهم، ولقد اصطفاه الله، واصطفاء الله لطالوت يعني أنه لا يوجد بين هؤلاء القوم من يُمائله للمهمة التي يجب أن يقوم بها.
معجزة يوشع بن نون:
من معجزة يوشع بن نون هي أن الله ردّ لهُ الشمس بعد غروبها، وطلب من الله أن ينجزَ فتح بيت المقدس قبل غروب الشمس ذاك اليوم، فكانت الشمسُ غربت ثمّ أعادها الله تعالى كما كانت فكُسروُا الكفار، أنهوا قتال الكفار ففتحوا البلد فدخل المؤمنون بيت المقدس، وقتالُ الكفار كان قبل وجود النبي محمدّ صلّى الله عليه وسلم لأن بعض الأنبياء أمروا بذلك.