ما هي كيفية إعادة المنفرد في صلاة الجماعة؟

اقرأ في هذا المقال


إعادة المنفرد في صلاة الجماعة:

لقد قال الإمام الحنفية أنهُ يجوز للمنفردِ إعادة الصلاة مع إمام جماعة، وتكون صلاته الثانية نفلاً. وإذا كانت نفلاً، فإنها تُعطى حكم النافلة، فتكره إعادة صلاة العصر، لأن النفل ممنوع بعد العصر، وتكره صلاة النفل خلف النفل إذا كانت الجماعة أكثر من ثلاثة، وإلا فلا تكره إن أعادوها بدون أذان، وتكره مطلقاً إن أعادوها بأذان. وتجوز إذا كان إمامه يصلي فرضاً، لا نفلاً، لأن صلاة النافلة خلف الفرض غير مكروهة.

أما المالكيةُ فقد قالوا بأنهُ من صلى في جماعةٍ لم يعد في أخرى إلا إذا دخل أحد المساجد الثلاثة فيندب له الإعادة. ومن صلى منفرداً جازت له الإعادة في جماعة: اثنين فأكثر، لا مع واحد، إلا إذا كان إماماً راتباً بمسجد فيعيد معه: لأن الراتب كالجماعة، ويعيد كل الصلوات غير المغرب، والعشاء بعد الوتر، فتحرم إعادتهما لتحصيل فضل الجماعة، أما المغرب فلا تعاد، لأنها تصير مع الأول شفعاً، لأن المعادة في حكم النفل، والعشاء تعاد قبل الوتر، ولا تعاد بعده، لأنه إن أعاد الوتر يلزم مخالفة قوله صلى الله عليه وسلم: “لا وتران في ليلة”، وإن لم يعده، لزم مخالفة: “اجعلوا آخر صلاتكم من الليل وتراً”.

 ويحق لكل منفردٍ أن يُعيد الصلاة، إلّا من صلّى منفرداً في أحد المساجد الثلاثة، فلا يُندب له إعادتها جماعةً خارجها، ويندب إعادتها جماعةً فيها. ويعيدُ إذا كان مأموماً، ولا يصح أن يكون إماماً كما قال الإمام الحنيفةِ، وينوي المُعيد الفرض، مفوضاً لله تعالى في قبول أي الصلاتين.

أما الشافعية فقد ذهبوا إلى أنهُ يُسن للمصلي وحده، وكذا للجماعة: إعادة الفرض بنية الفرض منفرداً أو مع جماعة يدركها في الوقت ولو ركعة فيه، ولو كان الوقت وقت كراهة، وتكون الإعادة مرة واحدة على الراجح، ولا يندب أن يعيد الصلاة المنذورة ولا صلاة الجنازة، إذا لا يتنفل بها، ويشترط أن تكون الصلاة الثانية صحيحة وإن لم تغن عن القضاء، وألا ينفرد وقت الإحرام بالصلاة الثانية عن الصف مع إمكان دخوله فيه، وأن تكون الصلاة الثانية من قيام لقادر، وأن تكون الجماعة مطلوبة في حق من يعيدها، فإن كان عارياً فلا يعيدها في غير ظلام، ويصح أن يكون المعيد إماماً.

وأما إذا صلّى وأعاد مع الجماعة، فالأولُ هو الفرض في هذا المذهب، ولأنه أسقط الفرض بالصلاة الأولى، فوجب أن تكون الثانية نفلاً. وينوي إعادة الصلاة المفروضة، حتى لا تكون نفلاً مبتدءاً.

أما الحنابلة فقد كان رأيهم هو بانهُ يُستحب لمن صلّى فرضه منفرداً أو في جماعة أن يعيد الصلاة إذا أقيمت الجماعة وهو في المسجد، ولو كان وقت الإعادة وقتُ نهي، سواء أكانت الإعادة مع الإمام الراتب أو غيره إلا المغرب، فلا تسن إعادتها، لأن المعادة تطوع، وهو لا يكون بوتر. وتكون صلاته الأولى فرضه، لحديث يزيد ابن الأسود السابق. وينوي بالثانية كونها معادة، لأن الأولى أسقطت الفرض. وإن نوى المعادة نفلاً صح، لمطابقته الواقع، وإن نواها ظهراً مثلاً، صحت، وكانت نفلاً.

أما المصلّي إذا كان خارجَ المسجدِ ووجد جماعةً تُقام، فعليه الإنتباه للوقت،فإذا كان الوقتُ وقتُ نهيٍ، فلا يُستحب له الدخول حتى تنتهي الصلاة، وتُحرم عليه الإعادة ولا تصح، سواء قصد بدخوله المسجد تحصيل الجماعة أم لا. وأما إذا لم يكن الوقتُ وقت نهي، وقصدَ نيتهُ للمسجد للإعادة، فلا تُسن له الإعادة، حتى وإن لم يقصد ذلك، لأن الإعادة كانت مسنونة.

وقت استحباب القيام للجماعة أو للصلاة:

لقد ذهب الحنفيةُ إلى أنّ المُصلّي يقومُ عند سماعهِ “حيّ على الفلاح” وبعد قيام الإمام. أما الحنابلة قالوا إلى انّ المصلي يقوم حينما يسمعُ “قد قامت الصلاة”. وأما الشافعية، فإنهُ يقوم بعدما ينتهي المُقيم من الإقامة.

إدراك ثواب الجماعة:

إنّ الأجر والثواب الكاملين يحصلنّ لمن أدركَ الصلاة مع الإمام من أولها حتى آخرها، فإن إدراك تكبيرة الإحرام مع الإمام فضيلة، لحديث رواه الترمذي عن أنس: أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: “من صلى لله أربعين يوماً في جماعة، يدرك التكبيرة الأولى، كتب له براءتان: براءة من النار، وبراءة من النفاق”، وروي: “لكل شيء صفوة، وصفوة الصلاة: التكبيرة الأولى، فحافظوا عليها”. ولحديثٍ آخر: “إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا ركع فاركعوا، وإذا سجد فاسجدوا”. إذاً الفاء للتعقيب.

 لقد قال الشافعي بأن الصحيح هو هو إدراكُ فضيلة الجماعة ما لم يُسلِّم الإمام، وإن لم يقعد معه، وذلك بأن انتهى سلامهُ عقب تحرّمه، وإن بدأ بالسلام قبله، لإدراكه ركناً معه، لكنه دون فضل من يدركها من أولها. واستثنوا صلاة الجمعة فإن جماعتها لا تدرك إلا بإدراك ركعة كاملة مع الإمام.

أما الحنابلةُ والحنفيةُ قالوا: أنّ من كبر قبل سلام الإمام التسليمة الأولى، أدرك الجماعة، وحتى وإنّ لم يجلس معه؛ لأنه أدرك جزءاً من صلاة الإمام، فأشبه ما لو أدرك ركعة.

أما ما قالهُ المالكية هو :إنما يقعُ فضل الجماعة الذي وردَ به الخبر المتضمنُ كون أجرها وثوابها بخمس أو بسبعٍ وعشرين درجة، وتكمنُ بإدراك ركعة كاملةٍ يدركها مع الإمام، وتكون بتمكّينِ يديه من ركبتيه أو مما يقاربهما قبل رفع الإمام وإن لم يطمئن إلا بعد رفعه. أما مدرك ما دون الركعة فلا يحصل له فضل الجماعة، وإن كان مأموراً بالدخول مع الإمام، وأنه مأجور بلا نزاع.

والنتيجة النهائية هي أنه تدرك صلاة الجماعة عند الجمهور بالتحريمة، وبركعةٍ واحدة عند المالكية.


شارك المقالة: