اقرأ في هذا المقال
انتهاء التحكيم في الشقاق والنزاع:
ينتهي التحكيم في قضية الشقاق والنزاع بعدة من الأحوال:
- العزل، إذا ثبت عدم أهليتهما، يعزلهما القاضي واستبدلهما بغيرهما.
- موت أحد الزوجين، لأنّ بموت أحد الزجين تنتهي العلاقة الزوجية.
- إذا فقد أحد الحكمين أو كلاهما أهليته.
- موت الحكم، أو امتناعه عن القيام بجميع مهامه.
- تنازل أطراف الخصومة عن حقوقهما، تجاه كل منهما الآخر، ولا ينتهي بتنازل أحدهما، ويستمر التحكيم منذ بدايته حتى نهايته.
واختلف الفقهاء في تفريق الحكمين بين الزوجين اذا اتفقا عليه، فهل يجب أخذ اذن الزوج أو لا يحتاج إلى ذلك. سنرى هناك بعض الآراء على هذه المسألة:
1. قال الجمهور: يعمل الحكم بتوكيل من الزوج، فليس للحكمين أن يفرقا بين الزوجين إلا أن يجعل الزوج إليهما التفريق؛ لأنّ الأصل أنّ الطلاق ليس بيد أحدٍ سوى الزوج أو من يوكّله الزوج، لأنّ الطلاق إلى الزوج شرعاً، وبذل المال إلى الزوجة، فلا يجوز إلا بأذنهما.
2. قال المالكية: يُنفّذ قول الحكمين في الفرقة والاجتماع بغير توكيلٍ من الزوجين، ولا إذنٍ منهما، وذلك بدليل ما رواه مالك عن علي بن أبي طالب أنه قال في الحكمين، إنّ إليهما الحق بالجمع، والتفرقة بين الزوجين، فالإمام مالك يُشبه الحكمين بالسلطان، والسلطان يطلق في رأيه بالضرر إذا تبين، وقد سماهما الله حكمين في قوله تعالى:” فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا“النساء:35.
وقد اعتمد القانون برأي المالكية، وهو أنّ للحكمين سلطة التفريق بين الزوجين، ولا يصدر قرار القاضي إلا بقرار من الحكمين والتصديق عليه، إذا كان وفقاً للأصول، وقد دلت على ذلك المادة: 126، وهي إذا عجز الحكمان عن الإصلاح وظهر لهما أنّ الإساءة جميعها تأتي من قبل الزوجة، فيقرر التفريق بينهما على العوض الذي يقرر، وذلك على أن لا يزيد على المهر وتوابعه، وإذا كانت الإساءة كلها من الزوج، وقررا التفريق بينهما بطلقة بائنة على أنّ للزوجة أن تطالب بغير المقبوض من مهرها وتوابعه، ونفقة عدّتها.
الرجوع عن التحكيم:
اختلف الفقهاء في إلزامية التحكيم من عدمه إلى الآراء التالية:
1. ذهب الحنفية، وسحنون من المالكية، إلى أنّ لكل خصم حق الرجوع عن التحكيم قبل أن يصدر الحكم، ولا حاجة لاتفاق الخصمين على ذلك، فإذا رجع كان ذلك بمثابة عزلة للمحكم. أما بعد صدور الحكم، فليس لأحد حق الرجوع عن التحكيم، ولا عزل المحكم، فإنّ رجع بعد الحكم، لم يبطل الحكم، لأنه صدر عن ولايةٍ شرعية للمحكم، كالقاضي الذي يصدر حكمه، ثم يعزله السلطان.
2. يرى المالكية، عدم اشتراط دوام رضى الخصمين إلى حين صدور الحكم، فلو أقاما البينة عند الحكم، ثم بدا لأحدهما أن يرجع عن التحكيم قبل الحكم، فقد تعيّن على الحَكَم أن يقضي، ويجوز حكمه. وقال الأصبغ: أنّ لكلّ واحد منهما الرجوع، ما لم تبدأ الخصومة أمام الحكم، فإن بدأت تعيّن عليهما المضيّ فيها حتى النهاية. وقال ابن الماجشون: أنه ليس لأحدهما الرجعة حتى ولو كان قبل الخصومة.
3. يرى الشافعية، لقد أجاز الشافعية بالرجوع عن الحكم قبل صدور الحكم، ولو بعد إقامة البينة، أما بعد الحكم فلا يشترط رضى الخصم به، كحكم القاضي.
4. يرى الحنبلية: أن لكل من الخصمين أن يرجع عن التّحكيم قبل الشروع في الحكم. أما بعد الشروع فيه، فهناك قولان:
– له الرجوع لأنّ الحكم لم يتم، أشبه قبل الشروع.
– ليس له ذلك، لأنه يؤدي إلى أنّ كل واحد منهما إذا رأى من الحكم ما لا يوافقه رجعَ فبطل مقصوده، فإنّ صَدَر الحُكم نفذ.
هل يشترط رضى الزوجين لبعث الحكمين؟
اختلف العلماء في هذا الأمر على قولين:
القول الأول: لا يجوز بعث الحكمين إلا برضى الزوجين، وليس لحكم الزوج أنّ يُطلّق إلا بأذنه، وليس لحكم المرأة أن يُخلع مالها إلا بإذنها، وهذا قول أصحاب الرأي، وهذا ما نصّ عليه الإمام الشافعي في كتابه الأم، وأيضاً هو المذهب عند الحنابلة، وهو الظاهر من نصوص الإمامية، لأنّ علي رضي الله عنه، حين قال للرجل: أما الفرقة فلا قال: كذبت حتى تقر بمثل الذي أقرت به، فثبت أنّ تنفيذ الأمر متوقف على إقرار الزوجة ورضاها، وذلك مبني على أنّ الحكمين هما وكيلان وليسى حكمان.
القول الثاني: يجوز بعث الحكمين دون رضاهما، فلا يجوز لِحكم الزوج أن يطلّق بدون برضاها، أما حَكم المرأة يجوز أن يختلعها دون رضاها، إذا رأيا أنّ الطلاق كالحاكم يحكم بين الخصمين، وإن لم يكن على وفق مرادهما، وبهذا قال الإمام مالك، وربيعة، وهي الرواية الأخرى عن الشافعية، والحنابلة.