ما هي كيفية جواز النفي أو اجتماعه مع عقوبات أخرى؟

اقرأ في هذا المقال


جواز النفي أو اجتماعه مع عقوبات أخرى:

إن للمُشرع فرضُ هذه العقوبة في الجرائم التي يراها، فإن له فرضها وحدها، أو جعلها مع غيرها من العقوبات على سبيل الوجوب أو الجواز. والدليل على ذلك نفي النبي عليه الصلاة والسلام للمخنثين من المدينة، ولم يرد أنه كان مع النفي عقوبة أخرى. وفعل ذلك عمر في واقعة نصرٍ بن حجاج، في حين أن النفي لم يكن وحده في حالات: فإن عمر في صبيغ قد سجنه، وضربه ثم نفاه.
وفي حادثة معن بن زائدة ضربه مائة ثم حبسه، ثم ضربه مائة أخرى، ثم مائة ثالثة، ونفاه بعد ذلك. كما ورد التغريب مع الجلد في عقوبة الزنا لغير المحصن. وقد قال الفقهاء في جواز الجمع بين النفي وغيره من العقوبات التعزيرية.

أين يكون مكان النفي؟

لقد تشعبت الآراء في المكان الذي يكون فيه النفي المنصوص عليه في القرآن الكريم في آية المحاربة. فيرى البعض، إن معنى النفي في هذه الآية هو الإبعاد عن دار الإسلام إلى دار الحرب. وهو رأي مالك بن أنس وآخرين.
ويرى البعض الآخر، على أن النفي هو الإخراج من مدينةٍ إلى أخرى، وبه قال عمر بن عبد العزيز وسعيد بن جبير. أما الرأي الثالث يقول، إن النفي هو الحبس: وهو رأي أبي حنيفة، ورأيٌ للإمام مالك.
والرابع يقول: هو أن يطلبوا لإقامةِ الحدود عليهم فيُبعدوا، وهو قول الشافعي وابن عباس. وقال ابن رشد عن الشافعي بياناً لهذا الرأي: إن النفي غير مقصود، ولكن إن هرب الجُناة شردوا في البلاد بالاتباع، وقيل: إن النفي هي عقوبة مقصودة، وعلى هذا ينفي الجاني ويسجن دائماً، وقال عن ابن الماجشون: إن النفي هو فرار الجُناة من الإمام لإقامة الحد عليهم، فأما أن يُنفوا بعد أن يُبعدوا فلا.
وقد قيل عن مكان التغريب في جريمة الزنا: إنه يكون بالإبعاد عن البلد الذي ارتكبت فيه الجريمة إلى مسافة القصر؛ لأن المقصود إيحاشةً بالبعد عن الأهل والوطن.
ويصحُ أن يكون الإبعاد لأكثر من مسافة القصر؛ لأن عمر غرب إلى الشام وعثمان إلى مصر وعليٌ إلى البصرة. ويُشترط أن يكون التغريب لبلدٍ معين، فلا يُرسل المحكوم عليه به إرسالاً. وليس له أن يختار غير البلد المعين له لإبعاده. ولا يجوز أن يكون التغريب لبلد الجاني، ويجب أن يكون بعده عنها في الحدود المذكورة.


شارك المقالة: