اقرأ في هذا المقال
وصل العضو المقطوع نتيجة القتل الخطأ:
قد يُقطعُ عضو الإنسان المجني عليه وذلك نتيجة جناية خطأ، أو نتيجة جناية عمد إلا أن المجني عليه اختار الأرش حيث وجب الأرش على الجاني في أمرين، وقد يحتاج المجني عليه إلى إعادة وصلهِ لفقدانه منفعة هذا العضو، فهل يسقط الأرش على الجاني بعد إعادة وصل العضو المقطوع من المجني عليه أم لا؟
بعد إطلاعنا على آراء العلماء فقد وجدنا أن الفقهاء تحدثوا عن هذه المسألة بشيءٍ من الإجمال، كما في إعادة الأنف والأذن والسن، غير أن إعادة وصل هذه الأعضاء يُصاحبها في كثيرٍ من الأحيان نقصٍ وشينٍ، إلا أن الجديد في المسألة هو أن الطب نجح اليوم نجاحاً كبيراً في إعادة وصل الأعضاء المقطوعة بسهولة، إذا كان الوصل في مدةٍ قريبةٍ من القطع مع توفر المعدات والآلات والأطباء أصحاب الخبرة في المجال من غير شينٍ أو نقص، وقد رأى أكثر أهل العلم عدم سقوط الأرش عن الجاني حال إعادة المجني عليه العضو المقطوع، وكان التعليلُ على ذلك هو ما يلي:
– أن السبب في إيجاب الأرش هو إبانة العضو وهي حاصلة.
– أن العضو المقطوع لا يرجع إلى طبيعته الأصلية بعد وصله ولا يصير كما كان فلا يسقط ما وجب القطع.
وصرح أشهب من المالكية، بسقوط الأرش مطلقاً إذا عاد العضو على هيئته قبل القطع وحتى إن عاد العضو المقطوع على هيئته قبل القطع، فالذي نراه أنه لا أثر لإعادةِ العضو المقطوع في سقوط الأرش بما يلي:
1. أنه مع التقدم العلمي وصل اليوم إلى درجة بأنهم يقومون بإعادة العضو المقطوع إلى ما كان عليه قبل القطع من غير نقصٍ أو شين، إلا أن القول بوجوب الأرش أولى سداً لذريعة الجريمة والاعتداء.
2. أن العلة في إيجاب الأرش على الجاني متحققة في المسألة، حيث أصاب المجني عليه الألم بقطع العضو، بل قد يزداد الألم بإعادة العضو المقطوع كما كان، وكما تزدادُ أيضاً التكاليف، فلا يعقل أن يسقط بعد كل هذا الأرش عن الجاني.
3. ويؤيد هذا الرأي أن الشارع اعتبر أن اندمال الجراحة لا يؤثر في سقوط القصاص ولا الديّة عن الجاني وإن برئ جرحه.
عودة العضو لوظيفته وحجمه:
قد يعود العضو إلى وظيفته وحجمه الطبيعي، وقد يعود ناقص الحجم أو المنفعة أو كليهما:
– عودة العضو لوظيفته وحجمه الطبيعي:
وهذا يظهر جلياً في الكبد، فإن عاد الكبد لوظيفته وحجمه الطبيعي ننظر، أن أخذ المجني عليه ديتها، فالذي نراه الأقرب الصحيح أن ترد ديتها تخرجاً على سنٍ غير المثغورِ، وهو الصبي الذي لم تسقط أسنانه اللبنية فيما لو جنى عليه فعاد، بجامع جريان العادة بعودةِ العضو كما كان. وإذا لم يكن المجني عليه أخذ ديتها فالذي أراه سقوط ديتها تخرجاً على دية غير المثغورِ إإذاً لا يجب الأرش والحالة هذه بالإجماع، ويمكن أن يتخرج أيضاً على شعر الرأس واللحية إذا عاد كما كان، فإن كان عودها لحجمها الطبيعي قد ترك أثراً على الجسم، فإن الواجب حكومة، فإن لم تترك أثراً فقد اختلف العلماء في ذلك، والذي أميل إليه وجوب أجرة الطبيب وثمن العلاج؛ لأنه أدق في التطبيق وأقرب لتحقيق العدل وأنسب لهذا العصر.
– عودة العضو ناقص الحجم أو المنفعة أو كليهما:
إذا مضت المدة وعاد العضو لكن حدث به شيء من الخلل في الوظيفة أو النقص في الحجم ننظر ما يلي:
1. إذا أمكن حساب مقدار النقص الحاصل فيجب بحسابه من الدية؛ وذلك لما تقدم من أنه يجب في ذهاب بعض منفعة معلومة بقدر الذاهب منها إن عُلم، فإن كان النقص حصل في الجُرم فقط وجب بحسابه، وإن كان في المنفعة فقط وجب بحسابها، وإن كان فيهما معاً وجب بقدر الأكثر منهما.
2. وإذا لم يمكن معرفة مقدار النقص الحاصل في العضو وجبت الحكومة تخرجاً على ديّة السن والظفر إذا قلع فنبت متغيراً أو معوجاً أو ناقصاً.
بعض الأمثلة على العضو المقطوع:
ومن بعض الأمثلة على العضو المقطوع: هو أن يقطع جانٍ يد إنسان، فيموت بالسراية، فينتقل الحقّان إلى وارثه، فإن عفا عن النفس، سقط القصاص في الطرف؛ لأن المستحق هو القتل، والقطع طريقه، وقد عفا عن المستحق، فلم يبقَ له التوصل إليه. وإن عفا عن القطع، لم يُسقط القصاص في النفس على الأصح، فللمستحقُ حزّ الرقبة؛ لأنه يتمكن من العدول إلى حزّها، فربما كان ذلك مقصوده بالعفو؛ لأن له القطع ثم الحزّ، ففي العفو عن القطع تسهيلٌ للأمر عليه.