وضَّحَ النّبي -صلى الله عليه وسلم- للأمّةِ مناسك الحج بفعلِهِ وقولِهِ، ومن قصد بيت الله حاجًّا فإنَّه يؤدي مناسك الحج بالترتيب كما أوضحها رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ولا يجوز للحاج أن يقصّر في أداء أيٍّ من مناسك الحج لكي تصحّ حجته، ويجب على كل من يرغب بزيارة بيت الله الحرام بقصد الحج، أن يكون على علم بهذه المناسك وبكيفية تأديتها، وهي:
- الإحرام: يُعدّ أول ركن من أركان الحج، وهو نية الدخول في النُّسك -إفراد أو تمتُّع أو قِران-، لذلك يجب أن تكون النية صحيحةً خالصة لوجهه -سبحانه وتعالى-، يستلزم الإحرام أن يكون الشخص مرتدي اللباس الخاص بالإحرام للرجال إزارٌ ورداء من القماش الأبيض غير مخيطٍ أما للنساء فهو اللبس الشرعي الساتر لجميع الجسد عدا الوجه والكفين، ويُحرم الحاجّ من الميقات بحسب الوجهة القادم منها.
- يوم التروية: هو اليوم الثامن من شهر ذي الحجة، وفيه ينتقل الحجاج إلى مِنى للمبيت فيها، ويمكن للحجّاج عدم المبيت في منى يوم التروية بل الإحرام والذهاب مباشرة إلى عرفة، فيُحرم الحجاج من بلدهم أو مكان نزولهم في اليوم التاسع دون المرور بمِنى ولا حرج عليهم إنّما تفوتهم السنة، ويستَحبُّ في يوم التروية فعل ما يُستحبُّ فعله في باقي الأيام العشر الأولى من شهر ذي الحجة.
- الوقوف بعرفة: يبدأ بطلوع شمس التاسع من ذي الحجة، وينتهي بغروب شمس ذلك اليوم، ويقضي الحجاج طوال هذا اليوم على صعيد عرفة ضمن حدود الجبل باستثناء وادي عرنة، والوقوف لعرفات هو ركن الحج الأعظم وأبرز خطوات الحج وبدونه لا يصحّ الحج، ويبدأ الحجاج بالدفع نحو جبل عرفة من بعد ، ويصلي هناك الحجاج الظهر والعصر معًا أي جمع تقديمٍ وقصرٍ، ويستحب للحاج وغيره في هذا اليوم الإكثار من الدعاء والاستغفار وقراءة القرآن الكريم والصلاة والذِّكر وكافة الأعمال الطيبة ما عدا الصيام للحاج.
- النفرة إلى مزدلفة: يبدأ الحجاج بالنفرة بغروب شمس التاسع من ذي الحجة مشيًا على الأقدام أو ركوبًا إذ تقع على بُعد سبعة كيلومتراتٍ من جبل عرفة من أجل المبيت فيها مع تأدية صلاتيْ المغرب والعشاء جمع تأخيرٍ وقصرٍ، ثم يبدأ الحجاج بالتقاط الحصى استعدادًا للعودة إلى مِنى لرمي الجمرات في الصباح.
- رمي الجمرات: يستعد الحجاج بعد شروق شمس اليوم العاشر من شهر ذي الحجة للتوجه إلى مِنى سيرًا على الأقدام أم ركوبًا من أجل رمي جمرة العقبة الكبرى،قاطعين مسافة خمسة كيلومتراتٍ من مزدلفة إلى مِنى.
- طواف الإفاضة: بعد رمي جمرة العقبة الكبرى مباشرةً يتجه الحجاج إلى مكة لتأدية طواف الإفاضة ثمّ السعي بين الصفا والمروة ثم يتحلل التحلل الأصغر -إباحة كل ما حُرِّم على الحاج باستثناء النساء-.
- العودة إلى مِنى: بعد طواف الإفاضة والسعي يعود حجاج بيت الله إلى مِنى لقضاء أيام التشريق فيها لرمي الجمرات الثلاث -الكبرى والوسطى والصغرى- كل يومٍ لمدّة ثلاثة أيامٍ.
- طواف الوداع: بعد إنقضاء أيام التشريق يقفل الحجاج عائدين إلى مكة لتأدية طواف الوداع ليكون آخر عهدهم بالبيت ومكة هو الطواف ووداع الكعبة ثم عليهم مغادرة مكة عائدين إلى ديارهم، وبانتهاء طواف الوداع يتحلل الحاج التحلل الأكبر، وتنتهي خطوات الحج.
شروط الطواف:
الطواف في اللغة العربية من الفعل طَافَ أي إلتفَّ ودار حول الشيء، وفي الاصطلاح الشرعي هو نوعٌ من العبادة المشروعة والتي يتقرّب بها إلى الله تعالى بالدوران حول الكعبة المشرفة على صفةٍ مخصوصةٍ قال تعالى:“وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ”، وفي الحج يؤديها الحاج مرتيْن على الأقل هما: طواف الإفاضة وطواف الوداع إلى جانب طواف التحية وطواف المتمتِّع بالعمرة إلى الحجّ، وشروط صحّة أي طوافٍ:
- الإسلام، لأنّ الطواف عبادةٌ لا تجب إلّا على المسلم.
- العقل والمقدرة على التمييز.
- استحضار النية قبل البدء بالطواف.
- ستر العورة للرجل أي لا يصح الطواف لعارٍ أو غير ساترٍ لعورته -للرجل من السُّرَّة إلى أسفل الركبتيْن والمرأة كلها عورةٌ إلا وجهها وكفيْها-.
- الطهارة من الحدث الأصغر والأكبر إلى جانب طهارة البدن والثوب من النجاس والأوساخ.
- الطواف سبعة أشواطٍ مبتدئًا بالحجر الأسود ومنتهيًا به مع جعل الكعبة عن يسار الحاج عند البدء في الطواف -الدوران عكس عقارب الساعة-، مع ضرورة الانتباه إلى الطواف بكامل البيت الحرام مشيًا لمن استطاع ذلك ويجب الموالاة بين الأشواط فلا تُقطع إلّا لصلاة الفريضة.
السعي بين الصفا والمروة:
ويبدأ السعي بالوقوف على الصفا مستقبلًا الكعبة بوجهه ثم يوحد الله ويكبره ويقول:“لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحدَهُ لاشريكَ لَه لَه المُلكُ ولَهُ الحمدُ يُحيي ويميتُ وَهوَ علَى كلِّ شيءٍ قديرٌ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحدَهُ لا شريكَ لَه أنجَزَ وعدَهُ ونصرَ عبدَهُ وَهزمَ الأحزابَ وحدَه”، يكرره ثلاث مراتٍ ويدعو الله -سبحانه وتعالى-، ثم ينزل إلى المروة حتى يصل بطن الوادي ويهرول ما بين العلميْن، ثم يمشي حتى يصعد جبل المروة، ويقف عليه ويفعل كما فعل على الصفا وينطلق باتجاه وهكذا حتى يتم السعي سبعًا من الصفا إلى المروة مرّةً ومن المروة إلى الصفا مرةً وهكذا،حتى الانتهاء ، لأنّها المتمّم لأعمال الحج.