الهبة هي عقد مالي يتم فيه تقديم المال لشخص آخر دون المقابل، ويكون الهدف منها التودد إلى الناس وكسب محبتهم، والتقرّب من الله تعالى، ووضع علماء الفقه أحكام خاصة تتعلّق بالهبة، مثل أنواع المال الموهوب، وتصرفات الواهب والموهوب له بالمال الموهوب في أوضاع مختلفة، كما حدّد الفقهاء أيضاً أحكام الرجوع في الهبة وموانع الرجوع فيها، أمّا في هذا المقال فسوف نتعرّف على موانع الهبة.
موانع الهبة:
ونقصد هنا بموانع الهبة ما يحصل من أمور تمنع إتمام العقد قبل أن يتم قبول المال الموهوب من قِبل الموهوب له، أو حتى قبل أن يُسلّم الواهب المال الموهوب للموهوب له، وهناك عدّة حالات تعتبر موانع للهبة، ومن الممكن أن تُبطل عقد الهبة أو تؤدّي إلى فسخه، ومن موانع الهبة ما يلي:
- أن يكون الواهب مديناً، ويثبت الدَين على الواهب، ويكون هذا الدَّين أكثر من المال الذي في حوزة الواهب أو يُعادله، فإنْ لم يكن الموهوب له قد قبض المال الموهوب، فالهبة هنا عقد باطل، سواء قام الواهب بهبة المال للموهوب له قبل حصول الدَّين أو بعده.
- إذا مرِضَ الواهب مرَضَ الموت أو أصابه الجنون بعد إنشاء عقد الهبة، وقبل أن يتم تسليم المال الموهوب للموهوب له، فإنّ الهبة تُمنع ويُفسخ العقد. وبما أنّ عقد الهبة لم يتم إلّا بالقبض، فإنّ العقد هنا لم يتم بسبب مرض الواهب أو جنونه، وعدم القدرة على تسليم المال من قبل الواهب.
- في حال حصل موت أحد العاقدين في عقد الهبة، سواء الواهب أو الموهوب له، فإنّ الهبة تبطل، لكن بالنسبة للموهوب له فإذا كانت الهبة تتعلّق بالموهوب له وأولاده، فعقد الهبة لا يبطل ويتم القبض من الأولاد، وإنْ كان ذلك بعد وفاته.
وممّا لا يُعتبر من موانع الهبة في حال وفاة أحد العاقدين هو الإشهاد، فلو تمّ الإشهاد على عقد الهبة، فإنّ العقد يُنفّذ ولو بعد وفاة أحد العاقدين؛ لأنّ الإشهاد على عقد الهبة يُعتبر في فقه المعاملات في مقام قبض المال الموهوب.
لكن إذا تمّ إنشاء عقد الهبة خلال مرض الموت فإنّ حكم الهبة يتم بحكم الوصية، ويأخذ المال الموهوب في تركة الواهب حكم مال الوصية، فإن كانت قيمة المال أقل من ثلث مال التركة تُنفّذ الوصية، أمّا إذا زادت قيمة المال الموصى به أو الموهوب عن ثلث التركة فالوصية صحيحة، لكن تكون موقوفة على موافقة ورثة الواهب.