ما هي نواقض توحيد الربوبية عند قوم إبراهيم عليه السلام؟

اقرأ في هذا المقال


نواقض توحيد الربوبية عند قوم إبرهيم السلام:

لقد دعا إبراهيم عليه السلام قومه إلى توحيد الله، وكانوا على صنفين هما هما عبدةُ الأصنام وعبدة الكواكب، وفي دعوته عليه السلام لقومه من عبدة الأصنام، حين دعاهم إلى الله ووحدانيته ونبذِ ما هم عليه من عبادةِ من لا يستحق، لم يأبهو بدعوته وأصروا على كفرهم فرفضوا دعوته، فما كان منه عليه السلام إلا أن صنع ما صنع بالأصنام من تحطيم، وحينما طلبوه وسألوه أهو الذي فعل ذلك أم لا، رد الإجابة لكبير الأصنام، ووجه لهم أسئلة تدور حول ما اتخذوه من آلهة من دون الله، وكان من ضمن أسئلته عليه السلام لهم ما ذكره الله في كتابه العزيز في حواره معهم بعد تحطيم الأصنام: “قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ ۖ أَفَلَا تَعْقِلُونَ” الأنبياء55-56.
وفي موقعٍ آخر قال تعالى: “قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ-أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ- قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَٰلِكَ يَفْعَلُونَ قال أفَرَأيتم ما كُنتم تعبدون- أنتم وآباؤكم الأقدمون- فإنهم عدوٌ لي إلّا ربّ العلمين” الشعراء72-77. فإبراهيم عليه السلام يسأل القوم كيف تعبدون من لا ينفعكم ولا يضركم؟ بل هي كما رأيتم لا تنفعُ نفسها فلم تستطع أن تمنع من أرادها بسوء، بل ولم تستطع أن تخبركم بالذي حصل معها، فهلا رجعتم إلى عقولكم، وسألتم أنفسكم كيف تعبدون من لا ينفعكم إن عبدتموهم فيرزقوكم رزقاً على عبادتكم لهم، أو يضروكم بالعقاب لكم إن نبذتم عبادتهم، لم يرد قوم إبراهيم عليه السلام بأنها تنفع أو تضر وإنما حادوا عن الجواب بأن آباءهم كانوا كذلك فهم على آثارهم يهرعون، وفي هذا توجيه لهم بعبادة واتخاذ من بيده النفع والضر رباً وإلهاً.
وفي موقعٍ آخر معهم يقول تعالى: “إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا ۚ إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِندَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ ۖ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ” العنكبوت:17. وهنا يدعو إبراهيم عليه السلام قومهُ بتوحيد الله في عدةِ أشياء ومنها طلبُ الرزق، فتلك الأصنام التي يعبدها قومه لا تملك لنفسها رزقاً، إنما الرزق ممن بيده مفاتيح السماوات والأرض وهو الله جلّ جلاله لا ما تعبدون.

نواقض توحيد الربوبية عند قوم إبراهيم عليه السلام عبدة الكواكب:

أما عبدة الكواكب، فهم الذين يؤمنون بأن الكواكب أرباب لهم من دون الله وكان حوار خليل الله عليه السلام معهم من باب الاستدراج حتى يصل إلى الحجة. ورغم ذلك كله فقد أوتي الحجة فمدحه الله في هذا الموقف الناجح لنقص ربوبية وألوهية الكواكب، والتأكيد على ربوبيته وألوهية الله وحده فقال تعالى: “وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَىٰ قَوْمِهِ ۚ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاءُ ۗ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ” الأنعام:83. فاعتقاد قوم إبراهيم عليه السلام من عبدة الكواكب وهي أن الكواكب العلوية التي تدبر أمر العالم السفلي إنما هو من شرك الربوبية، وإنما أمر العالم كله تحت تصرف مدبرٍ واحد وهو الله تعالى.
إن قوم إبراهيم عليه السلام وقعوا في شرك الربوبية ضمناً، ولذا كان خطاب خليل الله إبراهيم لهم فيه دعوة لتوجيه التوحيد الخالص لله تعالى دون آلهتهم التي يعبدونها من دون الله، سواء كانوا معتقدين أنها تنفع أو تضر من دون الله أو لا، ومن المعلوم أن النفع والضر من خصائص الربوبية لله تعالى، ومن يعبج معه أحد فهذا يعني أن لغيره منفعة ومضرة، وهذا من شرك الربوبية. واعتقاد أن الرزق بيد غير الله هو أيضاً من شرك الربوبية، ولذا أمرهم عليه السلام أن يبتغوا من عند الله الرزق لا من آلهتهم المزعومة التي لا تملك شيئاً لنفسها فضلاً عن أن تكون لهم مصدر رزق.

نواقض توحيد الربوبية عند الملك في حواره مع إبراهيم عليه السلام:

بين القرآن الكريم أن المناظرة التي حصلت بين إبراهيم عليه السلام وملك زمانه، مدارها حول إدعاء الملك بإحدى خصائص الربوبية، والتي تظهر جليلاً في قول الله تعالى: “أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ ۖ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ” البقرة:258.
يتبين أن ملك بابل الذي ناظره إبراهيم عليه السلام قد زعم أن له قدره على الإحياء والإماتة، ومعلوم أن الإحياء والأمانة، ومعلوم أن الإحياء والأمانة هما من صفات الربوبية التي لا يتصف بها إلا الله سبحانه وتعالى، ومن هنا يظهر أن ملك بابل وقع في شرك الربوبية؛ وذلك لاعتقاده أن له من الخصائص التي انفرد بها الله تعالى وهي الإحياء والأمانة، وهذا من نواقض توحيد الربوبية.


شارك المقالة: