تكون الرضاعة سبب في تحريم الزواج:
قال تعالى عندما ذكر المُحرمات من النساء: “وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ” النساء: 23. وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ “يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَب” أخرجه بخاري ومسلم في صحيحهما.
الرَّضاعُ هو: إيصالُ لَبَنِ المرأةِ إلى جَوفِ طِفلٍ دونَ الحَولَينِ. ومن المقرر شرعًا أنّه يحرمُ من الرضاعما يحرم من النسب، متى تمّ الرضاع في مدته الشرعية، وهي حولين كاملين من تاريخ الولادة؛ إذ بالإرضاع تصير المرضعة أمًّا من الرضاعلمن أرضعته، ويصير جميع أولادها سواء من رضع معه أو قبله أو بعده إخوة وأخوات له من الرضاع.
عدد الرضعات المحرمة:
لقد اختلفت أراء الفقهاء في عدد الرضاعات المُحرمة، فقد ذهب اِلإمام أبو حنيفة ومالك، والإمام أحمد في بعض الروايات عنه إلى أنَّ قليلُ الرضاعوكثيره في التحريم سواء، وذهب الإمام الشافعي، والإمام أحمد في أظهر الروايات عنه إلى أنّ الرضاع الموجب للتحريم هو ما بلغ خمس رضعات متفرقات فأكثر في مدّةِ الرضاعِ.
ما هو التحريم بالرضاع:
إنّ الحُرمة بالرضاعة جاءت في كتاب الله تعالى بالأم والأخوات، ثم بعد ذلك أتت السنة الشريفة بتحريم الباقين، كالنسب، فقال النبي عليه الصلاة والسلام، يُحرم من الرضاع ما يُحرم من النسب ولما قيل له: ألّا تتزوج ابنة حمزة؟ قال: إنّها ابنة أخي من الرضاعة، يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب.
ولمّا استأذن عم عائشة من الرضاعة عليها قال لها النبي عليه الصلاة والسلام : إئذني له فإنّه عمك، فدل ذلك على أنّ الرضاع كالنسب. فإذا ثبت الرضاع بالبينة الشرعية امرأة ثقة بأنّها أرضعت المرأة خمس رضعات والطفل في الحولين، ثبت حكم الرضاع خمس رضعات فأكثر الطفل في الحولين فإنّه يثبت الرضاع، وتكون المرضعة أمَّا له ويكون أولادها إخوة له وأبوها يكون جدًا له وأمها تكون جدة له، وهذا ما يترتب على النسب يترتب على الرضاع.
لكنّ بعض الناس قد يغلط في هذه المسائل، فإذا كان أخوه الصغير قد ارتضع من امرأة والكبير ما رضع منها فله أن ينكح أخت أخيه الصغير؛ لأنّه لم يرتضع من أمها إنّما ارتضع من أمّه.
فخلاصة القول: أنّه إذا كان أخوه الصغير رضعَ من أي امرأةٍ أخرى، صارت بناتها إخوة للصغير، ولا يُحرم على أخيه الكبير الذي لم يرضع، فإذا رضع عامر وهو أخ صغير من زينب ولهُ إخوة كبار، ولزينب بنات فإنهنّ يكن حلالاً لإخوان الرضيع ولا يحللن للرضيع، فالطفلُ الرضيع أصبح أخ لهنّ، أمّا إخوانه ليسوا حرام عليهنّ ولسنَ أخوات لإخوانه الكبار؛ وذلك لأنّهم ما رضعوا من أمهنّ وهنّ لم يرضعنَ من أمهات الكبار ولا من زوجات آبائهم ولا من أخواتهم، فلا يَحرمن عليه وإن حُرِّمنَ على أخيه الصغير الذي رضع من أمِّهنَّ.