مسائل في اللحن الذي يتغير به معنى الأذان

اقرأ في هذا المقال


اللحن الذي يتغير به معنى الأذان:

يُحرم على من رفع الأذان أن يتحلنّ في رفعه، لأنه قد يغير معناه، ويُبطلُ الأذان بلا خلاف وأما ما لا يُحيل المعنى، فلا يبطلهُ باتفاق المذاهب الأربعة. والتلحينُ الذي يُطرب ويُذهب التدبر لمعاني الأذن يُكره عند عامة العلماء. فقد روى عبد الرزاق في مصنفه وابن أبي شيبة وابن المنذر في الأوسط بأن رجلاً قال لابن عمر رضي الله عنه: يا أبا عبدُ الرحمن، إني أحبك في الله، فقال له ابن عمر: وأنا أبغضك في الله، قال: لِم؟ قال: إنك تبغي في أذانك وتأخذ عليه أجراً”.

وقد علّقه البخاري في صحيحه مجزوماً به، وابن أبي شيبة موصولاً عن سفيان عن عمر بن سعيد بن أبي حسين أن مؤذناً أذن فطرّب في أذانه، فقال له عمر بن عبد العزيز: أذّن أذناً سمحاً، وإلا فاعتزلنا. وروي في النهي عنه من حديث أبي هريرة وابن عباس عند الدار قطني، وهو منكر.

بدع في ألفاظ الأذان:

الأذان والإقامة عبادة، وجوهرها اللفظ، وكما أن جوهر الصلاة الركوع والسجود وغيرهما، فلا تجوز الزيادة إلا بدليل؛ كالتثويب في صلاة الفجر، والنداء عند نزول المطر، وما في حكمه بالصلاة في الرحال. وممّا زيد على الألفاظ المشروعة ألفاظ، ومنها:

“حيّ على خير العمل” وهو بدعة باتفاق الأئمة، وإنما أحدثها الزيديةُ. وقد روى الطبراني عن بلال: أنّه كان يُنادي بالصبح، فيقول: حيّ على خير العمل، فأمرهُ النبي عليه الصلاة والسلام أن يجعل مكانها: الصلاة خيرٌ من النوم، وترك “حيّ على خير العمل” ولا يصح. وروى البيهقي في سننه بسند صحيح عن ابن عمر: أنه ربما زاد في أذانه: حيّ على خير العمل. ومنها قول النبي عليه الصلاة والسلام عند التشهد في الأذان والإقامة، وقول: هكذا لم يثبت بأي وجه صحيح في أيّ موضع في العبادات ولا غيرها على لسان نبينا محمد عليه الصلاة والسلام.

ومنها: القول قبل الأذان: “وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلِّ ۖ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا” الإسراء:111. كما يفعله بعض المؤذنين في بعض البلدان. ومنها: أن يقول المؤذن بعد أذان الصبح: “أصبح ولله الحمد”، طلوع الفجر وللحضور للصلاة، ويُسمى “التصبيح”، ومنها: قول: “اللهم صلّ على محمد” قبل الإقامة. وينبغي أن يعلم أنه لا يشرع أن يسبق الأذان بشيء من الأذكار والأدعية والترانيم وغيرها.

الترجيع في الأذان:

والترجيع: هو ترديد الصوت وتكراره.

الترجيع في الأذان: هو أن يُردد قوله: أشهدُ أن لا إله إلا الله، وأشهدُ أنّ محمداً رسول الله، ويُكرره مرتين يخفض بهما صوته، ثم يرجع فيأتي بهما مرتين أخريين يرفع بهما صوته، وهو سنة عند الجمهور: المالكية والشافعية ورواية للحنابلة، وكرهه بعض الحنفية، وأغرب بعضُ الفقهاء من المالكية، فأوجبوه، بل قالوا بركنيّةٍ، والصحيح أنه سنة في الأحيان.

وحديث أبي محذورة كان سنة ثمان من الهجرة بعد حُنين، وحديث عبد الله بن زيد متقدم عليه، لكن قيل للإمام أحمد: أليس حديث أبي محذورة بعد حديث عبد الله بن زيد؛ لأن حديث أبي محذورة بعد فتح مكة؟ فقال: أليس قد رجع النبيّ عليه الصلاة والسلام إلى المدينة، فأقرّ بلالاً على أذان عبد الله بن زيد. والترجيع ثابت بلا شكّ في حديث أبي محذورة رضي الله عنه قال: “ألقى عليذ رسول الله صلّى الله عليه وسلم التّأذين هو بنفسه، فقال: قل: الله أكبرُ، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، أشهد أنّ لا إله إلا الله، أشهدُ أنّ لا إله إلا الله، أشهد أنّ محمداً رسول الله، أشهد أنّ محمداً رسول الله، مرتين مرتين، قال: ثم ارجع، فمدّ من صوتك، أشهدُ أن لا إله إلا الله، أشهد أنّ محمداً رسول الله، حيّ على الصلاة، حيّ على الفلاح، حيّ على الفلاح، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلاّ الله”.

حكم التمطيط والتحلين في الأذان:

يجبُ على المؤذنُ المسلم في أذانه أن يكونُ سَمحاً غير مُمططٍ ولا متكلف، ومثل ذلك في الإقامة، ومن السنة في ذلك أن لا يُلحن فيه وأن يحفظهُ أيضاً من اللّحن لا يُلحنُ ولا يلّحَن؛ اللّحن: كونه يخل بالإعراب كأن يقول: أشهدُ أن محمداً رسول الله، يعني “بفتح اللام” مثلاً.

ومن المُشرع أن يقول المؤذن: أن محمداً رسول الله؛ لأن رسول الله خبر “أن” مرفوع، فهذا إذا نصب يكون من اللحن وإن كان لا يخل بالمعنى في الحقيقة؛ لأن مقصود المؤذن الإخبار بأنه رسول الله عليه الصلاة والسلام؛ ولأن بعض أهل اللغة ينصبون المعمولين، لكن هذا لحن عند جمهور أئمة اللغة وعند جمهور العرب، العرب ينصبون الاسم ويرفعون الخبر في “أن” كذلك من اللحن أن يقول مثلاً: “اهدنا الصراط المستقيم”؛ يكسرها، هذا غلط، لأنه مفعول منصوب “الصراط” لكن ما يخل بالمعنى، لا يخل بالمعنى، فلا يضر في الأذان أن يقول مثلاً: حي على الصلاة، أو حي على الصلاة ما يخل بالمعنى، لكن ينبغي له أن يكون فاهماً عربياً لا يلحن في الأذان، وأما التلحين هو تمطيطه كأنه يغني، هذا مكروه لا ينبغي


شارك المقالة: