ظهرت أنواع عديدة من الشركات التجارية المختلفة في فقه المعاملات، وكان لكل نوع منها مفهوم خاص يختلف عن الأنواع الأخرى، وذلك للاستفادة من المعاملات المستحدثة، وتسخيرها لخدمة الناس فيما يُوافق شرع الله تعالى، ومنها الشركات التي ظهرت بين مجموعة من الأشخاص، للعمل المشترك بشكل مباشر وسريع، حيث أنها قد تحتمل صفقة واحدة وتنتهي، وهي شركة المُحاصّة التي ستكون موضوعنا في هذا المقال بإذن الله تعالى.
مفهوم شركة المُحاصّة:
تعرّف شركة المُحاصّة على أنها عقد شركة يتم بين فردين، أو مجموعة من الأفراد، يشتركون في المال أو العمل، وبمجرد الانتهاء من العمل يتم تقاسم الأرباح أو الخسائر التي تنتج من الشركة، وإنهاء العقد.
وشركة المُحاصّة ليس من الشركات التي تُعلن رسمياً، وإنما تكون مستترة وتنشأ بلا اسم أو شخصية، وهي من العقود المؤقتة، فقد يتم عقدها لتنفيذ صفقة واحدة، ومن الممكن أن تكون لعدة صفقات منفصلة، وينتهي عقدها بمجرّد توزيع العوائد والأرباح، حسب ما تمّ الاتّفاق عليه بين الشركاء.
وليس لشركة المُحاصّة شخصية رسمية أو معنوية، والاستتار عن الغير من أهم مميّزاتها، فقد يتعامل بها أحد الشركاء، أمام الناس على أنه المالك الوحيد، ويكون كفيلاً بالالتزام بما على الشركة من التزامات وديون.
أما رأس مال شركة المُحاصّة فيكون مقدّماً من جميع الشركاء المتعاقدين فيها، أو بعض الشركاء مساهمون في رأس المال، والبعض الآخر في العمل، حيث يتم تصفية الشركة بعد انتهاء العمل، وتوزيع الربح حسب حصص الشركاء أصحاب المال، وللشركاء العاملين مقابل ما قدّموه من عمل، وهذا كله يتم بحسب الاتّفاق وتحقق رضا الجميع.
حكم شركة المُحاصّة:
إنّ شركة المُحاصّة هي عقد شركة مباح، بناءً على تكييفها بشركة العنان، فليس فيها تساوي في حصص الشركاء، ولا تكافل أو تضامن، ويتم توزيع الربح بناءً على الاتفاق والرضا، ويتحمل الخسارة كلٌّ حسب حصته من رأس المال.
كما أنه من الممكن أن تتكيّف شركة المُحاصّة بشركة المضاربة، وتأخذ حكمها، حيث يُقدّم المال من الشركاء لشخص واحد يتولّى العمل والاستثمار، وتمثيل الشركة أمام الناس، وعليه يكون هو المضارب، والشريك في نفس الوقت، من خلال تقديمه لحصة في رأس المال، أما إذا اشترك غيره معه في العمل تعتبر الشركة هنا عنان.
وشركة المُحاصّة من الشركات الحديثة المشروعة، وتعتبر من شركات الأشخاص، وقد تأخذ صورة شركة من الشركات التي تعتبر من شركات الأموال، وبناءً على ما سبق فإنها كلها جائزة، لأن الأغلب يتكيّف بالشركات المباحة.