حرص الإسلام على التكافل والتعاون بين أفراد المجتمع الإسلامي، ومحاربة أي من العوامل التي تؤدّي إلى النزاعات والخلافات بينهم، وإن تمّ ذلك ووقعت الخلافات بين بعض الأفراد، عمل الإسلام على إيجاد ما يوقف هذه الخلافات من خلال عقد الصلح، ويشتمل هذا المقال على تعريف عقد الصلح وأدلّة مشروعيته.
تعريف عقد الصلح:
الصلح هو عقد يتم من خلاله إنهاء الخلافات والنزاعات بين الأفراد المتصالحين، ومنع الخصومات التي تسبب العداوة بينهم، وهذا من الأساسيات التي يهدف إليها الإسلام في بناء المجتمعات الإسلامية وتنظيم علاقاتها مع غير المسلمين.
حكم الصلح:
الصلح عقد مشروع ومستحبّ، وهو مندوب، وذُكرت في القرآن الكريم والسنة النبوية نصوص شرعية ثابتة تدلّ على مشروعية عقد الصلح. ومن الأدلة على ذلك ما يلي:
- أولاً: في القرآن الكريم ذُكر الكثير من الآيات الكريمة التي تُثبت مشروعية الصلح، منها:
- قوله تعالى في سورة البقرة الآية 224: “وَلاَ تَجْعَلُواْ اللَّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّواْ وَتَتَّقُواْ وَتُصْلِحُواْ بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ”.
- قوله تعالى في سورة النساء الآية 129: “وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا”.
- قوله تعالى في سورة الأنفال الآية 1: “فَاتَّقُواْ اللَّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بَيْنِكُمْ”.
- ثانياً: أما الأدلة التي وردت في سنة نبينا محمد _صلى الله عليه وسلم_ فمنها قوله _عليه الصلاة والسلام_: “الصلح جائز بين المسلمين إلّا صلحاً حرّم حلالاً أو أحلّ حراماً…” سنن الترمذي. وغيرها الكثير من الأحاديث الشريفة التي دلّت على مشروعية عقد الصلح.
- ثالثاً: في إجماع الفقهاء أيضاً دليل على مشروعية عقد الصلح، حيث أجمع علماء الفقه على أن الصلح من العقود المشروعة؛ بسبب الفائدة التي يُقدّمها في إنهاء النزاعات، وتقوية أواصر المحبة والتكافل بين الناس.
وبناءً على ما سبق نستنتج بأنّه يمكن اللجوء إلى عقد الصلح في عدة حالات منها:
- الصلح بين الأفراد المسلمين.
- الصلح بين المسلمين وغير المسلمين.
- الصلح بين الزوجين.
- الصلح بين المتعاملين في العقود المالية.
- الصلح بين الورثة.
- الصلح بين المتخاصمين بغير المال.
وهناك حالات أخرى يُستخدم فيها عقد الصلح، مثل الصلح بين المسلمين وأهل الحرب وغيرها، كما قد يكون الصلح في الأموال أو غير الأموال، وبالتالي فإنّ عقد الصلح من أهم العقود التي لها دور كبير في بناء المجتمعات، وتنظيم علاقات الأفراد المسلمين فيما بينهم، وعلاقات الأفراد المسلمين مع غير المسلمين.