من أخلاق النبي محمد صلى الله عليه وسلم:
مهما تحدثنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن صفاته وعن أخلاقه فلن نستطيع أن نعطيه ولو جزءاً بسيطاً من حقه عليه الصلاة والسلام، يكفي أنّه ممدوح من قِبَلِ الواحد الأحد والذي وصفحه بأنّه صاحب خلق عظيم، فالرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يملك من الصفات العظيمة والجليلة والكريمة التي جعلت كل من يراه ويجالسه يعشقه، فحت الصحابة الكرام عجزوا عن وصف خير الخلق والمرسلين من شدة عظمة صفاته وكرمه ومكانته وخلقه الكبير.
وكان الرسول محمد صلى الله عليه وسلم عندما يخير بين أمرين يختار الأفضل بينهما، وكان يختار الأمر الذي لا يوجد فيه أي أثم، فعن عائشة رضي الله عنه قالت: “ما خُيِّرَ رسول الله بين أمرين قط إلا اختار أيسرهما، ما لم يكن إثماً، فإن كان إثما كان أبعد الناس منه، وما انتقم رسول الله لنفسه في شيء قط إلا أن تُنتهك حرمة الله، فينتقم لله بها”، متفق عليه.
وكان الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم إذا جاءه السائل أو أي صاحب الحاجة قال: “اشفعوا تُؤجروا، ويقضي الله على لسان رسوله ما شاء”. متفق عليه.
وكان من مواقف الرسول محمد مع الصحابة الكرام هو ما روي عن الصحابي أنس بن مالك رضي الله عنه قال: “كان رسول الله مِن أحسن الناس خُلُقاً، فأرسلني يوماً لحاجة، فقلت: والله لا أذهب، وفي نفسي أن أذهب لما أمرني به نبي الله، فخرجت حتى أمرّ على صبيان وهم يلعبون في السوق، فإذا برسول الله بقفاي من ورائي، فنظرت إليه وهو يضحك، فقال الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم: “يا أُنيس ذهبتَ حيث أمرتُك؟، فقال أنس بن مالك: أنا أذهب يا رسول الله، قال أنس بن مالك: والله لقد خدمته تسع سنين ما علمته قال لشيء صنعتُه: لِمَ فعلتَ كذا وكذا؟ ولا عاب عليّ شيئاً قط، والله ما قال لي: أفّ قط”، رواه مسلم.
ومن أحد المواقف أنّ الصحابة الكرام أسروا أحد السادات واسمه “ثُمامة” ومن ثم ربطوه بسارية المسجد، فخرج إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عليه الصلاة والسلام: “ماذا عندك ثمامة؟” فقال: “عندي يا محمد خير؛ إن تَقتل تقتل ذا دم، وإن تُنعم تُنعم على شاكر، وإن كنتَ تريد المال فسَلْ تُعطَ منه ما شئت”، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أطلقوا ثمامة”، عندها انطلق السيد ثمامة واغتسل، ومن ثم دخل المسجد وقال ثمامة: “أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله”، ومن ثم قال ثمامة: “يا محمد والله ما كان على الأرض وجه أبغض إليّ من وجهك، فقد أصبح وجهك أحب الوجوه كلها إليّ، وما كان من دين أبغض إليّ من دينك، فأصبح دينك أحب الدين كله إليّ، والله ما كان من بلد أبغض إليّ من بلدك، فأصبح بلدك أحب البلاد كلها إليّ”، وعندما قدم ثمامة إلى مكة المكرمة قال له قائل: “أصَبَوتَ؟ قال: لا،ولكنْ أسلمتُ”، متفق عليه.