اقرأ في هذا المقال
من أساليب الرسول محمد صلى الله عليه وسلم في تربية المرأة المسلمة الاستئذان منهنّ:
عندما نقرأ ذلك العنوان يشعر البعض منا بالانقباض، إذ أنه كيف على الرجل أن يستأذن المرأة؟ بل هي من عليها أن تستأذنني، نعم هو ذلك، لكن على المرأة أن تستأذن عندما يتعلق ذلك بحقوقك عليها، وعليك أن تستأذنها عندما يتعلق الأمر أيضاً بحقوق المرأة والزوجة والأبنة عليك.
الاستئذان منهنّ:
فهذا هو دين الله الإسلام الذي يعطي كل ذي حق حقه، فعن معاذة عن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: “كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يستأذِنُنا في يومِ المرأةِ منَّا بعدَما أُنزِلتْ {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ} [الأحزاب: 51] قالت مُعاذةُ: فما تقولينَ لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا استأذَنكِ ؟ قالت: أقولُ: إنْ كان ذاك إليَّ لم أوثِرْ أحدًا على نفسي”.
ففي هذا الحديث نلاحظ أنّها رضي الله عنها لا تريد أن تفارقه ولو للحظة واحدة، لكن لا بد من ذلك، ولزوجات النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم كذلك حقوق لهنّ ولهذا يستئذنهنّ النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.
وعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: “أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى النساء (تعني في مرضه) فاجتمعن فقال إني لا أستطيع أن أدور بينكن فإن رأيتن أن تأذن لي فأكون عند عائشة فعلتن فأذن له.”.
عندما نقف عند ذلك الحديث لحظات، ونلاحظ قول الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم: “لا أستطيع أن أدور بينكن”، فالنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم لا يستطيع فعل ذلك بسبب مرضه وذلك كان في مرضه النبي محمد صلى الله عليه وسلم الأخير.
حيث أنّ النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم لا يستطيع أن يتحرك كما وضحت رواية البخاري عن السيدة عائشة رضي الله عنها وأرضاها عندما قالت: “لَمَّا ثَقُلَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ واشْتَدَّ به وجَعُهُ، اسْتَأْذَنَ أزْوَاجَهُ في أنْ يُمَرَّضَ في بَيْتِي، فأذِنَّ له، فَخَرَجَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بيْنَ رَجُلَيْنِ، تَخُطُّ رِجْلَاهُ في الأرْضِ، بيْنَ عَبَّاسٍ ورَجُلٍ آخَرَ. قالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: فأخْبَرْتُ عَبْدَ اللَّهِ بنَ عَبَّاسٍ فَقالَ: أتَدْرِي مَنِ الرَّجُلُ الآخَرُ؟ قُلتُ: لَا. قالَ: هو عَلِيُّ بنُ أبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْه وكَانَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا تُحَدِّثُ: أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ، بَعْدَما دَخَلَ بَيْتَهُ واشْتَدَّ وجَعُهُ: هَرِيقُوا عَلَيَّ مِن سَبْعِ قِرَبٍ، لَمْ تُحْلَلْ أوْكِيَتُهُنَّ، لَعَلِّي أعْهَدُ إلى النَّاسِ وأُجْلِسَ في مِخْضَبٍ لِحَفْصَةَ، زَوْجِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ثُمَّ طَفِقْنَا نَصُبُّ عليه تِلْكَ، حتَّى طَفِقَ يُشِيرُ إلَيْنَا: أنْ قدْ فَعَلْتُنَّ. ثُمَّ خَرَجَ إلى النَّاسِ”.
ولا يكلف الله عز وجل أي نفس إلّا وسعها وقدرتها، فرغم كل ما كان عليه النبي إلا انه لم يتناسى أو يتخطى تلك المسألة البسيطة في نظر الكثير من الناس، لكنها مسألة مهمة جداً، ولو أن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ذهب عند أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها بدون أن يستئذنهن لرضين لذلك، لكنّه صلى الله عليه وسلم القدوة الحسنة، ففي استئذانه منهن احترام كبير لأمهات المؤمنين، ففي ذلك الموقف يبين لنا أهمية احترام المرأة وأنّ مكانتها لا تقل عن مكانة الرجل في دين الإسلام.
ومن ثم لنتأمل ما قاله النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم: “فإن رأيتنَّ أن تأذن لي”، فهنا نتعلم من النبي الكريم محمد عليه الصلاة والسلام أن الأمر ليس فقط في الاستئذان بل إنّ الأمر في الأدب في طريقة الأستئذان، فمن حق المرأة أن لا تأذن.
ومن ثم الوضوح الكامل في تمام الاستئذان فقال: “فأكون عند عائشة”، ولن نقوم بترك أهمية ذلك التحديد حتى نقوم بتقدير الغيرة الكبيرة والجميلة التي كانت بين أمهات المؤمنين أزواج النبي الكريم محمد عليه الصلاة و السلام فقد كانوا حريصين بشكل كبير ومتنافسين في التقرب من النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فلهذا قال عليه الصلاة والسلام: “فأكون عند عائشة”، ويقصد إن أردتن ذلك فوافقن.
فكان هناك احترام كبير من النبي محمد عليه الصلاة والسلام لزوجاته الكرام رضوان الله عليهم، وهل بإمكان أمهات المؤمنين أن لا يسمحن بذلك وهو صلى الرسول الكريم محمد صلى الله عليه و سلم أحب إليهن من آبائهن ومن أبنائهن و من أنفسين، فحينها أذن رضي الله عنهن للنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ولسان حالهن يقول:أحب ما تحب يا حبيبي يا رسول الله.