من أهم حكم إدريس عليه السلام

اقرأ في هذا المقال


حكم إدريس عليه السلام:

لقد علمنا أن إدريس عليه السلام كان نبيّاً آتاهُ الله من فضله الكثير، فكان لهُ شرف الانتساب إلى آدم عليه السلام فورث عنه علوماً حَظيَ بها وطبقها في حياته مع قومه مجاهداً عابداً عاملاً، فبثَ فيهم المعرفة بالله والعلم به، وقد ذكرت عدة من المصادر الإسلامية مكانهُ هذا النبي الرفيعة وحكمتهُ وعلومه.
وكان ممن اهتم بذكر هذه المصادر العربية حول إدريس عليه السلام، والذي يُطلق عليه أيضاً “هِرمس” الدكتور ماجد مصطفى الصعيدي في كتابه القيم “هِمس في المصادر العربية”. وقيل في معنى المثلث: المعظم ثلاثة، فنجد كثيراً من المواعظ والحكم والتأملات التي جاءت على لسان هِرمس، نعرضها كما هي لما فيها من مواعظ ونصائح وأقوال عرفانية تنمِ عن خلاصة الحكمة والمعرفة الإلهية الحقة.
دعوتهُ إلى الإحسان وترك الجهالة مع الخالق والمخلوقين:
يقول إدريس عليه السلام في فضائل الصفات التي يجب للإنسان التحلي بها والالتزام بالطاعة حتى يكون قريباً من الله: لا ترفعوا دعائكم إلى الله بالجهالة ولا بِالنيات المدخولة ولا تعصوه ولا تتعدوا حدوده ونواميسه، ولا يجرين أحد منكم في معاملة أخيه إلى ما يكره أن يُعامل بمثله، واتفقوا وتحابوا وثابروا على الصوم والصلاة جماعة، ببصائر صافية نقية، ونيات غير مُتقسمة ولا مشوبة، وتَوادوا على على طاعة الله عزّ وجل والتقوى له، واسعوا للخير واجتهدوا فيه، ولتكن تأديتهم فرائض الله عليكم بالتمام والكمال، والخشوع والخضوع من غير عُجب ولا استكبار وإياكم والتفاخر والتكاثر وعليكم بالإخباتِ والتواضع، لكي تَستثمروا ثمار الخير من أعمالكم.
وقال: ابعدوا عن مخالطة الخونة والفسقة ومُبتغي الضلال ومقابحُ الأعمال.
وقال: لا تحلفوا كاذبين، ولا تهجموا على الله باليمين، واعتمدوا الصدق حتى يكون “نعم” من قولكم، ولا ، لا وتَورعوا عن تحليف الكذابين بالله جل ذكره، وإياكم أن تُشاركوهم في الإثم إذا علمتم منهم الحنث وليكن الأثر في نفوسكم أن تَكلوهم إلى الله عالم السرائر فحسبكم به من حاكم بعدل، وناطق بفصل، يوم يُجزي المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته
وقال: تحفظوا من مخالطة القوم الذين لا يهتدون إلى الحق، ولا يكلمون معرفته، ولا يتعلقون منه بعصمة، غير أنهم يسمعونه سماعاً ولا يعقلونه فعالاً، لا تنصبوا لمكاره الناس الحبائل، ولا تبغوا لهم الغوائل، ولا تسعوا لهم في المضرّة، فإن ذلك لا يخفى، ومتى خفي في الأول لم يخف في المستأنف، وارفعوا أنفسكم عن أن تفعلوا هذا الفعّال وتقوموا هذا المقام.
وقال: أطيعوا الله، وأطيعوا رؤساءكم، واخضعوا لسُلطانكم، وأكرموا كبراءكُم، ولتغلبِ عليكمَ حبة الله والحق، ولا تخالفوا الرأي الصواب، ومشاورة النصحاء، لتأمنوا الندامة وتسلموا من الملامة. وقال: لا تتفاضَلوا إلا بأعمالكم، وتُجوروا في الحكم، ولا تستعملوا النفاق، ولا تُزكوا الخونة، ولا تُخّونوا الأزكياءِ.
وقال: لا تحبوا كثرة الضحك والهزل، ولا تطنزوا بالناس، وإن ظهرتم من أحد على عاهة، أو عورة، أو حالة مذمومة، فلا تعيبوه ولا تضحكوا منه، بل اعتبروا وارجعوا إلى الله، فإن البشرية تجمعكم، وأنتم وهو من طينة واحدة خلقتم، وليس الضاحك منه بآمن من أن يناله مثله في المستأنف والواجب عليكم إذا رأيتم ذوي البلوى أن ترفعوا نواظركُم إلى الله سبحانه وتَحمدوه على العافية وتسألوهُ الإعاذة.

وقال: إذا جادلكم المخالفون لكم في الدين بالفظاظةِ وسوء القول، فلا تقابِلوهم بمثل ذلك بل بالرفق والدلالةِ ولطف المُخاطبة واعتصموا بالله وقولوا باجمعكم اللهم أصلح برّيتك وأجرِ عليهم من قضائك وقدرتك ما يقودهم إلى الألفة والسلم والإيمان والهدى.

وقال: أكثروا من الصمتِ في المحافل، ولا تطلقوا ألسنتكم بحضرة المتحفظين عليكم بما عسى أن يجعلوه سلاحا يضربونكم به، وأقلوا المِراء والهذر والفضل من القول.

وقال: احذروا مصاحبة الأشرارِ والحُساد والمُشتملين على العداوة والأحقاد والسّكارى والجهّال وإذا هممتم بالخير فقدّموا فعله لئلا يعارضكم سواه فتتَوقفوا عنه.

وقال: نَفسوا عن المكروبين، فرّجوا عن المحزونين افتدوا الأسارى، عالجوا المرضى واكسوا العُراة، اضيفوا الغرباء وأطعموا الجياع، اروُوا العِطاش عَزّوا المصاب خلّصوا المظلومين ممن يَظلمهم.

وقال: لا تزيدوا المَحزومين حزناً ولا تصبروا مع خطوب زمانهم عوناً عليهم، بل سلّوهم وعَزوهم وعَاونوهم وعاضدُوهم وواسُوهم بالقولِ الحسن والفعل الجميل، وإن كانوا ممن أسلفوكُم الإساةِ فاغتفُروا لهم وانتصروا بهم على ما نالهم من العقوبة.
وقال: اكتسبوا الأصدقاء وقدموا الاختبار لهم قبل الاستنامة إليهم، ولا تعجلوا بالثقة بهم قبل المحنة، لئلا يلحقكُم الندم، وتنالُكم المضرة.
وقال: من أعطاه الله فضلاً في دنياه فلا يفخرونّ به على أخيه، ولا يتداخلهُ الكبر والتعاظم، وليكن ذلك الفضل محتقراً في عينه، فإنّ الله تعالى خلق الفقراء والأغنياء خلقاً واحداً، وهم عندهُ سواء.
وقال: لا تبدر منكم عند الغضب كلمة الفحش، فإنها تزيدكُم العار والمنقصةُ، وتُلحقُ بكم العيب والهجنةُ، وتجرّ عليكم المآثم والعقوبة.
وقال: الدليل على غريزة الجود السماحةِ عند العُسرة وعلى غزيرة الورع والصدق عند السخط، وعلى غريزة الحلم العفو عند الغضب.
وقال: من سرهُ مودة الناس إياه، ومعونتهم له، وحسن القول منهم فيه، حقيقٌ بأن يكون على مثل ذلك لهم.
وقال السلامة ألا يُعادي المرء أحداً، ولا تكون منه إساءةً إلى عاداه وأضرّ به، بل يُحسن إليه ويلين له القول، فإن من أفضل أعمال العلماء ثلاثةُ أشياء: أن يُبدّلوا العدّو صديقاً، والجاهلُ عالماً والفاجر بّراً.
وقال: الصالحُ من خيره لكل واحد ومَن يَعدّه خير كل أحدٍ لنفسهِ خيراً. وقال: من أوكدّ أسباب الحلم، رحمة الجُهال. وقال: المُزاح يُقني الهيبة، كما تُقني النار الحطب. وقال: الحاسدُ يكثرُ ودهُ في اللقاء وبُغضهُ في المغيب، واسمهُ صديق ومعناهُ عدو. وقال: كأن الحاسد إنما خُلق لِيغتاظ. وقال: اقتّص من شهوةٍ خالفت عقلك بالخلاف عليها. وقال: إن الغضب إذا كان له سبب يُعرف كان الرضا سهلاً يسيراً، وإذا كان بلا سببٍ كان الرضا صعباً مستصعباً، وذلك لأن المحال غير موجود على كل حال. وقال: المُستشير على طرف النجاح. وسئل: ما الذي يهُدّ؟ فقال: الغضب والحسد، وأبلغُ منهما الهمّ.
وقال: النُصح بين الملأ تقريع. وقال: إعادة الاعتذار تذكير للذنب. وقال: ما عفا عن الذنب من قرّع به. وقال الجاهلُ صغير وإن شيخّا، والعالم كبير وإن كان حدثاً. وقال: غضب الجاهلُ في قوله، وغضب العاقل في فعله. وقال: الميت يقل الحاسد له، ويكثر الكّذاب عليه. وقال: يكفيك من الحاسد أنه يَغتنم وقت سرورك. وقال: اجتنب مصاحبة الكذاب، فإنه مثل السراب يلمع ولا ينفع. وقال: من تجرأ لك عليك. وقال: من كثر حقده قل عتابه. وقال: الحازم من لم يشغله البطر بالنعمة عن العمل للعاقبةِ، والهم بالحادثة عن الحيلة لدفعها. وقال: من مدحك بما ليس فيك، فلا تأمنه أن يذمك بما ليس فيك.
وذكر الشهرستاني: قوله في هرمس، أي “إدريس عليه السلام” أنهُ هو المحمودةُ آثاره، والمرضيةُ أقواله وأفعاله الذي يعد من الأنبياء الكبار، ويُقال هو إدريس النبي عليه السلام، ثم يذكرهُ حكمه فيقول: ومن حُكم هرمس قوله: أول ما يجب على المرء الفاضل بطباعهِ المحمودة المَرضي في عادتهِ المرجو في عاقبته تعظيم الله عزّ وجل وشكره على معرفته.


شارك المقالة: