العقوبات التعزيرية في الهجر

اقرأ في هذا المقال


عقوبة الهجر:

عقوبة الهجر: هي من العقوبات التعزيرية في الشريعة الإسلامية، والهجر يأتي ضد الوصل وهو الترك والإعراض، فيُقال هجرت الشيء هجراً، أي تركته وأغفلتهُ وأهملتهُ، والهجر قد يكون في بعض الأحيان هجرُ كلام أو هجر في التعامل أو هجر بالمعاشرة على سبيل الإفتراضِ. وهي تأتي أيضاً مقاطعة المحكوم عليه، والامتناع عن الاتصال به، أو معاملته بأي نوع أو طريقة كانت.

مشروعية الهجر:

إن عقوبة الهجر مشروعة في كتاب الله تعالى، وذلك لقوله في شأن تأديب الزوجة: “وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ” النساء:34. وهي مشروعة أيضاً في السنة، فقد هجر النبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه الثلاثة الذين خلفوا عنه في غزوة تبوك، وهم كعب بن مالك ومرارة بن ربيعة العامري وهلال أُبن أمية الوافقي، وظلوا كذلك خمسين ليلة لا يكلمهم أحد أو يسلم عليهم أو يتصل بهم حتى تابوا، ونزل فيهم قوله تعالى: “وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّىٰ إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَن لَّا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ” التوبة: 118.
وقد تحدثنا عن الحبس، وهو أن عمر بن الخطاب سجنَ صبيغاً بن عسل على سؤاله عن الذاريات والمرسلات والنازعات وشبههنّ، وضربه مرة بعد مرة، ونفاهُ إلى العراق، وقيل إلى البصرة، وأمر ألا يُجالسهُ أحد. فكان إذا جاء الناس وهم مائة تفرقوا عنه. وظل كذلك حتى كتب أبو موسى إلى عمر بحسن توبته، فأمر عمر فخلى بينه وبين الناس، وهذا من عمر معاقبة بالهجر.

مجال الهجر في التعزير:

ويكون الهجر عقوبة إذا رؤي أن في ذلك مصلحةً للجميع، وكانت هذه العقوبة هي المناسبة بالنظر إلى الجاني بحيث تفي بالمقصود، وهي زجر الجاني وإصلاحه. وقد يكون الهجر هو العقوبة الوحيدة، كما فعل النبي عليه الصلاة والسلام في عقاب الثلاثة الذين خلفوا، إذ لم يردُ أنه عاقبهم بغير الهجر.
وقد يكون الهجر مع غيره من العقوبات، كما فعل في صبيغ، إذ كان الهجر مع السجن والضرب والنفي. والذي نراه هو أن عقوبة الهجر أصبحت غير عملية، ولا يمكن تنفيذها؛ لأنها كانت قائمة على قوة الوازع الديني لدى الناس، وذلك غير متوافر الآن، وإن قيل بإمكان تنفيذها بالحيلولة بين المحكوم عليه والناس، فإن ذلك يُعد في حقيقته حبساً لا هجراً.


شارك المقالة: