من الفتن التي ظهرت في علامات الساعة الصغرى

اقرأ في هذا المقال


فتن علامات الساعة الصغرى:

إن من أشراط وعلامات الساعة الصغرى عدة فتن ظهرت وأخبر بها رسولنا الكريم ومنها، مَوقعة صفين وموقعة الحرة، وموقعة الحرّة وفتنة القول بخلق القرآن الكريم. وسنتحدث عن موجز كل واحدة في هذا المقال.

موقعة صفين:

إن موقعةُ صفين وهي من الفتن التي وقعت بين الصحابة رضي الله عنهم غير حرب الجمل، ما أشار إليه النبي عليه الصلاة والسلام بقوله:” لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتنانِ عظيمتان، يكون بينهما مقتلةٌ عظيمة دعواهما واحدة” رواه البخاري ومسلم.
فالفئتان هما: طائفة عليّ ومن معه، وطائفة معاوية ومن معه، على ما ذكر الحافظ ابن حجر في “الفتح”. وأخرج البزّار بسندٍ جيد عن زيد بن وهب؛ قال: كنا عند حذيفة، فقال: كيف أنتم وقد خرج أهل دينكم يضرب بعضهم وجوه بعض بالسيف، فما تأمرنا؟ قال: انظروا الفرقة التي تدعوا إلى أمر علي؛ فالزموها؛ فإنها على الحق. وقد وقعت الحرب بين الطائفتين في الموقعة المشهور بصفّين، في ذي الحجة سنة ست وثلاثين من الهجرة، وكان بين الفريقين أكثر من سبعين زحفاً، قُتل فيها نحو سبعين ألفاً من الفريقين.
وما حصل من قتالٍ بين عليّ ومعاوية لم يكن يريده واحدٌ منهما، بل كان في الجيشين من أهل الأهواء متغلّبون يحرّضون على القتال، الأمر الذي أدى إلى نُشوب تلك المعارك الطاحنة، وخروج الأمر من يد عليّ ومُعاوية رضي الله عنهما.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وأكثر الذين كانوا يختارون القتال من الطائفتين لم يكونوا يطيعون لا عليّاً ولا معاوية، وكان عليّ ومعاوية رضي الله عنهما أطلب لكف الدماء من أكثر المُقتتلين، لكن غُلباً فيما وقع، والفتنة إذا ثارت، عجز الحكماء عن إطفاء نارها.
وكان في العسكرين مثل الأشتر النخعي، وهاشم بن عتبة المرقال، وعبد الرحمن بن خالد بن الوليد، وأبي الأعور السلمي وغيرهم من المحرضين على القتال، قومٌ ينتصرون لعثمان غاية الانتصار، وقومٌ ينفرون عنه، وقومٌ ينتصرون لعليّ، وقومٌ ينفرون عنه، ثم قتالُ أصحاب معاوية لم يكن لخصوصِ معاوية، بل كان لأسباب أخرى.
وقتال الفتنة مثل قتال الجاهلية، لا تنضبط مقاصد أهله واعتقاداتهم، كما قال الزهري: وقعت الفتنة وأصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام متوافرون، فأجمعوا أن كل دمٍ أو مال أو فرج أصيب بتأويل القرآن؛ فإنه هدرٌ، أنزلوهم منزلة الجاهلية.

موقعة الحرّة:

إن من مواقع الفتن التي وقعت أيضاً هي فتنة”موقعة الحرّة” المشهورة في عهد يزيد بن معاوية، والتي استُبيحت فيها مدينة رسول الله عليه الصلاة والسلام، وقُتل فيها كثيرٌ من الصحابة رضي الله عنهم.
وقال سعيد بن المسيب: ثارت الفتنة الأولى، فلم يبق ممن شهد بدراً أحدٌ، ثم كانت الثانية، فلم يبق ممّن شهد الحديبية أحدٌ. قال: وأظن لو كانت الثالثة، لم ترتفع وفي الناس طباخ. “أي بمعنى خيرٌ ونفع”.
قال البغوي: أراد بالفتنة الأولى مقتلُ عثمان، وبالثانية الحرة.

فتنة القول بخلق القرآن:

لقد ظهر هناك فتنة في عهد العباسيّين تسمى “فتنة القول بخلق القرآن” وقد تزعم هذه المقالة الخليفة العباسي المأمون، وناصرها، وتبع في ذلك الجهميّة والمعتزلة الذين روجّوها عنده، حتى امتُحن بسببها علماء الإسلام، ووقع على المسلمين بذلك بلاءٌ عظيم، فقد شغلتهم ردحاً طويلاً من الزمن، وادخل بسببها في عقيدة المسلمين ما ليس منها. هذا والفتن التي وقعت كثيرة لا حصر لها، ولا تزال الفتن تظهر وتتابع وتتزايد. وبسبب هذه الفتن وغيرها من الفتن افترق المسلمون إلى فرقٍ كثيرةٍ، وكل فرقةٍ تدعو إلى نفسها، وتدّعي أنها على الحق، وأن غيرها على الباطل.
وقد أخبر الهادي البشيرُ عليه الصلاة والسلام بافتراقِ هذه الأمة كما افترقت الأمم قبلها. ففي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم:” افترقت اليهود على إحدى أو اثنتين وسبعين فرقةً، وتفترقُ أمتّي على ثلاث وسبعين فرقة” رواه أصحاب السنن، إلا النسائي.
وعن أبي عامر عبد الله بن لُحيّ، قال: حججنا مع معاوية بن أبي سفيان، فلما قدمنا مكة؛ قام حين صلّى صلاة الظهر، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:” إنّ أهل الكتابين افترقوا في دينهم على اثنتين وسبعين ملّة، وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين ملّة، يعني: الأهواء، كلها في النار إلا واحدة، وهي الجماعة، وإنه سيخرج في أمّتي أقوامٌ تجارى بهم تلك الأهواء، كما يتجارى الكَلبُ بصاحبه، لا يبقى منه عرقٌ ولا مِفصلٌ إلا دخله. والله يا معشر العرب، لئن لم تقوموا بما جاء به نبيكُم عليه الصلاة والسلام، لغيركُم من الناس أحرى أن لا يقوم به”. مسند أحمد.


شارك المقالة: