الوعظ:
الوعظ: لقد عرّف بعض المعاصرين الوعظ: بأنه هو الخطاب الذي يتضمن تذكير المُخاطب بأمور غير مرغوبٍ فيها صدرت عنه، وذلك عن طريق استخدامه عبارات تنمُ عن المودة. ويأتي معنى الوعظ في الشريعة أيضاً بانه لفظٌ يستجمعُ جميع عبارات النصح والتحذير من الأخطاء والإرشاد إلى الطريق الصحيح وبيان وجوب الإلتزامِ به والتحذير من جميع مخالفاته.
مشروعية الوعظ: لقد استدل الفقهاء على مشروعية عقوبة الوعظ بقول الله تعالى: “وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ” النساء:34. فمن المعروف أن نشوز الزوجة وعدم طاعتها معصيةً لا حدّ فيها ولا كفارة، وفيها التعزير، فيكون الوعظ من عقوبات التعزير.
وكذلك حديث النبي عليه الصلاة والسلام لعُبادة لما بعثه على الصدقة: ” اتق الله يا أبا الوليد، لا تأتي يوم القيامة ببعيرٍ تحملهُ على رقبتك له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاةٌ لها ثواج، فقال عبادة: يا رسول الله إن ذلك كله كذلك؟ فقال: إي والذي نفسي بيده، إلا من رحم الله، فقال: والذي بعثك با الحقِ لا أعمل على اثنين أبداً”. وقال السندي: إن النبي عليه الصلاة والسلام وعظَ أبا الوليد بهذا الحديث، فدل هذا على مشروعية الوعظ.
المُراد منه: قال ابن عابدين: إن المراد من الوعظ هو أن يتذكر الجاني إذا كان ساهياً ويتعلم إن كان جاهلاً.
مجاله: إن هذا النوع من التعزير، كالإعلامِ والجرِ إلى باب القاضي، يكون للمجرمين المبتدئين، حيث لا يكون الإجرام المبتدأ منهم عادة إلا سهوةً وغفلة مع ملاحظة الجرائم، بأن تكون غير جسمية، ويشترط أن يُقدر القاضي أن الوعظ يكفي لتعزيرِ مثل هؤلاء الجانينَ.
ومثال الجرائم التي يُطبق فيها النوع: الشتم ممّن لم يعرف عنه ذلك. أما إذا لم يكن الوعظ في تقدير القاضي كافياً للزجر، أو كان المتهم عائداً، أو كانت الجريمة جسمية، فإن التعزير بغير الوعظ، مما يتناسب مع الجريمة والمجرم.
أدلة من القرآن والسنة على الوعظ:
منالقرآن الكريم:
– قال تعالى: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ”يونس:57.
– وقال تعالى:”فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ”الطلاق:2.
أما السنة النبوية:
– عن أبي وائل شقيق بن سلمة، قال: ” كان ابنُ مسعود رضي الله عنه يُذكرنا في كلّ خميسٍ، فقال له رجل: يا أبا عبد الرحمن، لوددتُ أنك ذكرتنا كل يوم، فقال: أما إنهُ يمنعني من ذلك أني أكرهُ أن أُمِلكم، وإني أتخولكم بالموعظة، كما كان رسول الله عليه الصلاة والسلام يتخولنا بها مخافة السامةُ علينا ” متفق عليه.