من علامات الساعة الكبرى "المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام"

اقرأ في هذا المقال


المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام:

إن الله سبحانه وتعالى اصطفى رسله من خلقه، كما في قوله تعالى:”اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ“الحج:75. وعيسى ابن مريم عليه السلام، ممن اصطفاهم الله سبحانه لرسالته، وهذا الاصطفاء، دون الرسالة شملَ أمه وآل عمران، كما في قوله تعالى:”وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ“آل عمران:42.
كما ذكر المولى في كتابه العزيز ما أنعم به على مريم من نعمٍ كثيرة، ومن ذلك ما كان من شأنها في ولا دتها، وحين كفالتها، حيث يقول سبحانه وتعالى:”إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي ۖ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُفَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَىٰ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنثَىٰ ۖ وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِفَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا ۖ كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا ۖ قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَٰذَا ۖ قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ۖ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ” آل عمران:35:37.
إن الله تعالى أنبتها نباتاً حسناً، والنبات الحسن يشمل الصفات الخُلقية والخَلقية، فنشأت دينيةً كريمةً، وقد جعل الله لها شكلاً مليحاً ومنظراً بهيجاً.
إن الله تعالى جعل كفالتها بيد نبي من أنبيائه وهو زكريا عليه السلام، فكان ذلك من أسباب النشأة الصالحة لها.
أن الله اعَاذها وذريتها من الشيطان الرجيم بدعاء أمها لها، وفي هذا يقول الرسول عليه الصلاة والسلام: ما من مولودٍ يولد فيستهل صارخاً من مس الشيطان إياه إلا مريم وابنها، ثم يقول أبو هريرة واقرءُوا إن شئتم وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم.
فكون عيسى عليه السلام خلق بدون أب وأنه كلمة الله لا يترتب عليه أبداً القول بأنه إله؛ لأن ذلك لا ينفي عنه كونه مخلوقاً كما أن وصفه بأنه “كلمة الله” أو ” كلمة منه” يرادُ به أن الله تعالى خلقه بكلمة منه دون توافر الأسباب الطبيعية لخلقه من وجود النطفة الأمشاج المكونة من مني الرجل وبيضةَ المرأة، ولذلك كان خلقهُ مثل خلق آدم الذي خلقه الله تعالى من ترابٍ دون أب وأم، قال تعالى:“إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ” آل عمران: 59.، فإن الله قادر على الخلق من العدم، وبالتالي إن خلق إنسان دون أب أهون عليه تعالى، قال تعالى: “وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ” الروم: 27. ثم إن عيسى كان جنيناً في بطن أمه، وطفلاً في المهد ثم شاباً ثم كهلاً، وقد تعرض للأذى والتعذيب من اليهود وغيرهم، فهو عاش حياة إنسان، يتقلب في الأحداث ويتأثر بها وتتغير أحواله بتغير الأزمان، ويتحول من صغر إلى كبر ومن حال إلى حال، كل ذلك برهان قطعي عقلاً ومشاهدة على أنه مخلوق يطبق عليه ميزانه وليس إلهاً كما تدعي ذلك جماهير النصارى.

اسمه ونسبه:

ذكر الله سبحانه وتعالى اسمه ونسبهُ في كتابه العزيز، ولم يزد نسبه على كونه ابم مريم في قوله تعالى:”إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ” آل عمران:45.
قال ابن كثير: اسمه المسيح عيسى ابن مريم، أي يكون هكذا مشهوراً في الدنيا، يعرفه المؤمنون بذلك، وسُمي المسيح، قال بعض السلف: لكثرة سياحته، وقيل؛ لأنه كان مسيح القدمين. وقوله تعالى:“عيسى ابن مريم” ونسبه إلى أمه حيث لا أب له. وهذا هو نسبه الحقيقي لا زيادة على ذلك، إلا أن أهل الكتاب زادوا في نسبهِ، فنسبوهُ إلى يوسف النجار، زعموا أنه كان خطيباً لأمه، فذكروا نسَبه من طريق يوسف النجار، فأوصلهُ صاحب إنجيل متى إلى إبراهيم، وأوصله صاحب إنجيل لوقا إلى آدم عليه السلام.
وقد كذبوا في ذلك، فكيف يمكن معرفة نسب رجل من عامة بني إسرائيل إلى إبراهيم، أو إلى آدم عليه السلام، وإذا سلّمن أنه يمكن معرفة النسب إلى إبراهيم، فكيف يُعرف النسب إلى آدم، وبين آدم، وذلك الرجل قرون لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى، فقال تعالى في حكايته مع الأقوام:”أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ ۛ وَالَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ ۛ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ” ابراهيم:9. فقال ابن إسحاق عن عمرو بن ميمون عن عبد الله أنه قال في قوله” لا يعلمهم إلا الله، كذب النسابون. وقال عروة بن الزبير: وما وجدنا أحداً يعرف ما بعد معد بن عدنان.


شارك المقالة: