من هو داود عليه السلام وما هي قصته؟

اقرأ في هذا المقال


داود عليه السلام:

إنّ داود عليه السلام هو ذاك النبيّ الأواب القانت العابدُ والمجاهدُ، واسمهُ داوود بنُ أبشا بن عوير بن سلمون بن نحشون بن عوينا دب بنُ أرمُ بن حصرون بن فرص بن يهوذا بن يعقوب بن إسحاق ابن إبراهيم عليه السلام. فقد كان عليه السلام طاهراً ونقي القلب، فَجمعَ الله له المُلك والنبوة، بين حياة الدنيا والآخرة، وكان عليه السلام فتىً صغيراً من بني إسرائيل، وعُرف بالجندي الشجاع من جنود طالوت.

قصة داود عليه السلام:

لقد كان داود أخاً لعشرة من الأخوة وهو أصغرهم، وقال النبي المرسل إليهم: إنّ الذي سوف يدخل المعركة لابد أن يكون درعُ موسى عليه السلام على مقاسهِ، وقد حاول كل واحدٍ من إخوته أن يرتدي درع موسى عليه السلام فلم يناسب الدرع إلا داود عليه السلام، ودخل داود في معركة ضدّ جالوت بهذا الدرع، فقتل داود جالوت، لقد كانت هذه هي بداية فتح الحق سبحانه وتعالى على داود، وأتاه المُلك والحكمة، لقد أحب داود صناعة الدروع؛ لأنها كانت بداية فتحٍ، فقال الحق في عطائه لداود عليه السلام:”وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِسنَّا فَضْلًا ۖ يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ ۖ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَأَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ ۖ وَاعْمَلُوا صَالِحًا ۖ إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ” سبأ:10-11.

معجزة داود عليه السلام:

لقد وهب الله تعالى داود عليه السلام فضلُ الحكمة والكتاب، وأمر الجبال بأن تُردد التسبيح معه عليه السلام، وسخر له الطير، ووهبهُ الله القدرة على تشكيل الحديد كيفما شاءَ، يصنع منها دروعاً ذات نسيجٍ معين، تتيح لمن يرتديها الحماية وهو يقاتل، وهي الصنعةُ التي علمه الله تعالى إياها. ثم يقول الله تعالى :فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ ۚ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا ۚ وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ ۚ وَكُنَّا فَاعِلِينَ” الانبياء: 79 والتسخيرُ هو قهرُ المسخر على فعلٍ لا يتسع أن ينفعك عنه فهو مقهور على هذا الشيء وليس مختاراً فيه.
وإذا كانت الطيور لها أصوات يمكن أن تسبح بها فكيف تسبح الجمادات كالجبال وغيرها؟ العلماء حينما يستقبلون هذه الأيه يأخذونها بظواهر التكليف، وليس بعقل ولب الأشياء، فقالوا:هو لا ير الجبال والجمادات تتكلم، بينما يرى الطير لها أصوات تعبر بها عن مراداتها، ولكن لا يسمعها تتكلم.
ونحن نقول: وما هو العجب في ذلك؟ إن العجب يزول حينما نُجري مسحاً للكرة الأرضية فمثلاً أجناس البشر على اختلافهم فيهم أشياء تختلف في السمات والأشكال والألوان، حسب البيئات التي يعيشون فيها، لكن الغرائز يشترك فيها الجميع.
كذلك يمكن للإنسان أن يتعلم، بإذن الله لغة الطير، أو الحيوان، بدليل أن الله تعالى أخبرنا أنه علم سليمان منطق الطير، وقال الله تعالى :”وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ ۖ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ ۖ إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ” النمل 16 ومن الممكن أن يمنّ اللهُ على أحدٍ من خلقه ويُعلمه منطق الجماد، فلماذا تستبعد ذلك.
وكان الهدهد يتكلم مع سليمان ويفهم كلامه، ليس هذا فقط بل إن القرآن أخبرنا أن الهدهد كان يفهم قضية التوحيد وعبادة الله وحدة؛ لذلك استغربَ حينما رأى بلقيس وقومها يسجدون للشمس من دون الله، وبعض العلماء حينما سمعوا لقول الله تعالى :”وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ ۚ” قالوا: إن المقصود هنا ليس التسبيح الحقيقي، ولكنه تسبيح دلاله أي أنها بحالها تدل على الخالق، فكأنهم فهمو تسبيح هذه المخلوقات مع أن الله الذي خلقنا قال: وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَٰكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ۗ“الإسراء:44 وهذا يفيد أن هذه الأشياء كلها تسبحُ لله، ولكن نحن لا نفهم لغتنا التي تسبح بها.
ولذلك الناس يقولون: إن المعجزات النبي صلى الله عليه وسلم أن الحصى سبح في يده، ونحن نقول لهم: هذه العبارة غير دقيقة؛ لأن الحصى يسبح حتى في يد الكافر فقولو: إن رسول الله سمع تسبيح الحصى في يده، ويقول الله تعالى :”وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُم مِّن بَأْسِكُمْ ۖ فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ” الأنبياء: 80.

شجاعة داود عليه السلام:

إنّ تعليم الله داود عليه السلام صنعه اللبوس، إن قلنا بالوحي يصح، أو بالتجربه والخاطر يصح، وكل شيء فيه صنعه لا بد فيه عمل وحركة، فلا يؤخذ خاماً ومعنى صنعه: “وصنعه لبوس” أي اللبوس من مادة لبس ولكن هناك لباساً ولبوساً، اللباس نعملة لنستر به عورتنا، ونحفظ أنفسنا من الحرّ والبرد ولكن في حالة الحرب التي يتعرض فيها الانسان للإصابة في أجزاء قاتله من جسمة، اهتدى الناس إلى حماية مواقع الخطر في أجسامهم، ومعروف أن رأس الإنسان وقلبه ما دام بعيدين عن الخطر، فإن حياته يمكن أن تستمر حتى لو تعرضت أجزاء أخرى من جسمه للخطر؛ ولذلك فإن المحارب يحاول أن يحمي رأسه بواقٍ للرأس ويسمى بالخوذةِ ويحمي منطقة الصدر والوجه باستخدام الدرع الواقي. وهذا ما كان يصنعهُ داود عليه السلام ودروع بحلقات تقي الجسم من الضربات، فاللبوس أبلغ من اللباس؛ لأن مهمتهُ أبلغ من مهة اللباس؛ ولأنه يقي الإنسان البائس والحرب وضربه العدو في مقاتل، ولذلك قال الله تعالى: “ولِتُحصنكم من بأسكم“، ومعنى تحصنكم: أي تمنعكم وتحوطكم وتحفظك، ومعنى من بأسكم أي من الحرب مع عدوكم.

أحاديث عن داود عليه السلام:

– قال النبي صلي الله عليه وسلم: “كان داوود أعبد البشر” رواه مسلم. وقال النبي عليه الصلاة والسلام أيضًا: “أحب الصلاة إلي الله صلاة داوود، وأحب الصيام إلي الله صيام داوود، كان ينامُ نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه، ويصوم يومًا ويفطر يومًا” متفق عليه عن ابن عباس.
– روي أنَّ امرأة دخلت على داود عليه السلام فقالت: يا نبيَّ الله، ربك ظالم أم عادل؟! فقال داود: ويحك يا امرأة! هو العدل الذي لا يجور، ثم قال لها: ما قصتك؟ قالت: إني امرأة أرملة، عندي عيال وثلاث بنات أقوم عليهم من عمل يدي، فلما كان الأمس شددتُ غزلي في خرقة حمراء، وأردت أن أذهب للسوق لأبيعه وأبلغ به أطفالي، فإذا أنا بطائر قد انقضَّ عليَّ وأخذ الخرقة والغزل وذهب، وبقيتُ حزينة لا أملك شيئًا أبلغ به أطفالي، فبينما المرأة مع داود عليه السلام في الكلام وإذا بالباب يطرق على داود، فأذِن بالدخول، وإذا بعشرة من التجار كل واحد بيده مئة دينار، قالوا: يا نبي الله، أعطها لمستحقها، فقال داود: ما حملكم على دفْع هذا المال؟ قالوا: يا نبيَّ الله، كنا في مركب فهاجت علينا الرِّيح، وأشرفنا على الغرق، فإذا بطائر قد ألقى علينا خِرقةً حمراء وفيها غزل، فسدَدْنا به عيب المركب، فهانت علينا الريح، وانسدَّ العيب، ونذرنا لله أن يتصدَّق كل واحد منا بمئة دينار، فهذا المال بين يديك، فتصدق به على من أردتَ، فالتفت داود إلى المرأة، وقال: “ربٌّ يتَّجر لك في البَرِّ والبحر، وتجعلينه ظالمًا؟! وأعطاها مئة دينار، وقال لها: أنفقيها على عِيالك”.



شارك المقالة: