نبوة آدم عليه السلام ورسالته عند المسلمين

اقرأ في هذا المقال


نبوة آدم عليه السلام ورسالته عند المسلمين:

اتفقت أمة الإسلام على نبوة آدم عليه السلام، ولم يُخالف أحد في ذلك مستدلين بالكتاب والسنة على نبوته وإنما وقع الخلاف في رسالته، هل هو رسولٌ أم نبي؟
نبوة آدم عليه السلام: قلنا من قبل إن علماء الأمة اتفقوا على نبوته غير أنّ الآيات التي وردت في القرآن ليست صريحة بلفظ النبوة كما ذكرت في باقي الأنبياء مثل نوح وعيسى وموسى وإبراهيم عليهم السلام وغيرهم، بل إن الآيات قررت أن الله كلم آدم وخاطبه بلا واسطة، فأمره ونهاه وأحل له وحرم عليه، كما كان النهي عن الأكل من الشجرة، وهذا الخطاب والمحادثة دلالةً واضحة على النبوة قال تعالى: “وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ” الشورى:51.
أما الآيات التي استدلوا بها على نبوته فهي:
– فقال تعالى: “إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ” آل عمران:33. فالاصطِفاء يكون للنبوة.
أما الأحاديث التي استدلوا بها على نبوته فهي:

ما أوردهُ أحمد في مسنده عن أبي ذر عندما سأل صلى الله عليه وسلم: “قلتُ يا رسول الله أيّ الأنبياء كان أول قال آدم قلتُ يا رسول الله ونبي كان قال نعم نبي مكلم” مسند الإمام أحمد. فالحديث فيه دلالة واضحة لا لبس فيها ولا غموض على نبوة آدم عليه السلام.
واستدلوا كذلك بالحديث الذي أورده الترمذي في سننه عن أبي سعيد الخدري قال: “قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: “أنا سيِّدُ ولدِ آدمَ يومَ القيامةِ ولا فخرَ ، وبيدي لِواءُ الحمدِ ولا فخرَ، وما مِن نبيٍّ يَومئذٍ آدمَ فمَن سِواهُ إلَّا تحتَ لِوائي، وأَنا أوَّلُ مَن ينشقُّ عنهُ الأرضُ ولا فخرَ، قالَ : فيفزعُ النَّاسُ ثلاثَ فزعاتٍ، فَيأتونَ آدمَ، فيقولونَ: أنتَ أبونا آدمُ فاشفَع لَنا إلى ربِّكَ، فيقولُ: إنِّي أذنبتُ ذنبًا أُهْبِطتُ منهُ إلى الأرضِ” سنن الترمذي.

رسالة آدم عليه السلام:

أما رسالة آدم عليه السلام فقد اختلفوا فيها على قولين:
القول الأول: قالوا بنبوة آدم فقط واستدلوا بالحديث الصحيح الذي رواه ومسلم والترمذي وغيرهم من أن نوح أول رُسل الله إلى الأرض. قالوا: فلو كان آدم رسولاً لما ساغ هذا القول. قال أحمد عبد الغفور: والقول الراجح أن سيدنا آدم عليه السلام كان نبياً، ولم يكن رسولاً وكان على شريعة صحيحة علّمها أولاده ورباهم عليها، فهو ليس برسول، وأول رسولٍ ثابت هو نوح عليه السلام.
القول الثاني: قالوا برسالته، واستدلوا بالآيات والأحاديث السابقة على رسالته وقد أولّوا الحديث الذي ذكر أن نوحاً أول رسول بعد الطوفان، وقال بعضهم: إن الرسالة الأولى خاصة في آدم، فلم يكن في الأرض غير بنيه فكانوا في مكان واحد، وأما رسالة نوح فإلى أبناء آدم المنتشرين في الأرض وهي عامة.
وقد رجح هذا القول حشدٌ كثير من العلماء منهم، القرطبي حيث يقول آدم عليه السلام هو خليفة الله في إمضاء أحكامه وأوامره؛ لأنه أولُ رسولٍ إلى الأرض، ويُقال لمن كان رسولاً ولم يكن في الأرض أحد، فيقال كان رسولاً إلى ولده، وكان أربعين ولداً في عشرين بطناً ذكر وأنثى، وتوالدُوا حتى تكاثروا وأنزل عليه تحريم الميتة والدم ولحم الخنزير.
ويقول ابن الأثير: وكان آدم مع ما أعطاه الله تعالى من ملك الأرض نبياً ورسولاً إلى ولده وأنزل الله عليه إحدى وعشرين صحيفة كتبها آدم بيده علمه إياها جبرائيل. وجاء في دائرة المعارف الإسلامية: إن آدم هو أول الأنبياء الذي أوحى الله إليهم كتباً، ومن يُوحى إليه وينزلُ عليه الكتب فهو رسولٌ من عند الله.
ويقول الشعراوي: إنّ الله أنزل المنهج على آدم بمجرد نزوله على الأرض، وإنهُ جل جلاله لم يترك الإنسان على غير هدى منذُ اللحظة الأولى من الحياة، بل هداه وبين له ما يعبدُ به الله ويتقرب به منه، ولم يكن هناك منهج فكيف احتكم قابيل وهابيل إلى الله سبحانه وتعالى.

نبوة آدم عليه السلام عند أهل الكتاب:

يؤمن أهل الكتاب اليهود والنصارى بنبوة آدم عليه السلام. فيقول ابن كمونه اليهود في كتابه تنقيحُ الأبحاث الثلاث للمللِ الثلاث: إنّ الأمر الإلهي قد اتصل أولاً بآدم عليه السلام فكان نبياً. فيتضحُ لنا مما سبق أن المسلمين واليهود والنصارى يقولون بنبوة آدم عليه السلام.


شارك المقالة: