نزول القرآن الكريم:
من خصائص القرآن الكريم، أنه لم ينزل دفعة واحدة، كما نزلت سائر الكتب السماوية، وكان نزول جبريل عليه السلام في غار حراء مؤذن ببداية النبوة، وقد نزل بالآيات الخمس الأولى من سورة العلق، وهي قوله تعالى: ﴿ٱقۡرَأۡ بِٱسۡمِ رَبِّكَ ٱلَّذِی خَلَقَ (١) خَلَقَ ٱلۡإِنسَـٰنَ مِنۡ عَلَقٍ (٢) ٱقۡرَأۡ وَرَبُّكَ ٱلۡأَكۡرَمُ (٣) ٱلَّذِی عَلَّمَ بِٱلۡقَلَمِ (٤) عَلَّمَ ٱلۡإِنسَـٰنَ مَا لَمۡ یَعۡلَمۡ (٥)﴾ صدق الله العظيم.
وكلمة النزول تطلق لغة على معنيين، أحدهما: الانحدار من علو إلى سفل كما يقال: نزل فلان من فوق فوق، قال تعالى: ﴿وَقُل رَّبِّ أَنزِلۡنِی مُنزَلࣰا مُّبَارَكࣰا وَأَنتَ خَیۡرُ ٱلۡمُنزِلِینَ﴾ صدق الله العظيم[المؤمنون ٢٩].ويطلق على النزول من أعلى إلى أسفل، وذلك كما في قوله ﴿ وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَاۤءِ مَاۤءࣰ ﴾ صدق الله العظيم[البقرة ٢٢].
والمقطوعُ به في علوم القرآن أن القرآن لم ينزل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم مرة واحدة كما هو الشأن في الكتب السابقة كما أُنزل على سيدنا محمد التوراة، وكا أُنزل الإنجيل على سيدنا عيسى، بحسب الوقائع منذ البعثة حتى آخر حياة النبي صلى الله عليه وسلم، كما يثبت هذه الحقيقة قوله تعالى ﴿وَقَالَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ لَوۡلَا نُزِّلَ عَلَیۡهِ ٱلۡقُرۡءَانُ جُمۡلَةࣰ وَ ٰحِدَةࣰۚ كَذَ ٰلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِۦ فُؤَادَكَۖ وَرَتَّلۡنَـٰهُ تَرۡتِیلࣰا﴾ [الفرقان ٣٢]. وقال تعالى: ﴿وَقُرۡءَانࣰا فَرَقۡنَـٰهُ لِتَقۡرَأَهُۥ عَلَى ٱلنَّاسِ عَلَىٰ مُكۡثࣲ وَنَزَّلۡنَـٰهُ تَنزِیلࣰا﴾ صدق الله العظيم[الإسراء ١٠٦].
ولكن ما معنى الإنزال في قوله تعالى: ﴿شَهۡرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِیۤ أُنزِلَ فِیهِ ٱلۡقُرۡءَانُ هُدࣰى لِّلنَّاسِ وَبَیِّنَـٰتࣲ مِّنَ ٱلۡهُدَىٰ وَٱلۡفُرۡقَانِۚ ﴾ صدق الله العظيم [البقرة ١٨٥]، وقوله تعالى: ﴿إِنَّاۤ أَنزَلۡنَـٰهُ فِی لَیۡلَةࣲ مُّبَـٰرَكَةٍۚ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِینَ﴾ صدق الله العظيم [الدخان ٣] وقوله تعالى: ﴿إِنَّاۤ أَنزَلۡنَـٰهُ فِی لَیۡلَةِ ٱلۡقَدۡرِ﴾ صدق الله العظيم.[القدر ١]، فهذه آيات متوافقة فيما بينها، أنبأت بأن الله تعالى أنزل القرآن في ليلةٍ مباركة من شهر رمضان هي ليلة القدر، وقال جماعة من السلف: أن هذه الآيات تدل على إلى أن ابتداء النزول كان ليلة القدر لا جميع القرآن، وهذا القول لا يوجد ما يرده، وهو وجةٌ في تفسير الآيات الثلات التي ذكرناها.
كيف تنزل القرآن الكريم؟
لقد صح عن حبر المفسرين سيدنا عبدالله بن عباس – رضي الله عنهما- ما أفادنا أن للقرآن تنزلين وهما:
الأول: من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا، وكان جملة واحدة.
الثاني: من السماء الدنيا إلى الأرض على النبي قلب النبي صلى الله عليه وسلم مٌفرقاً على الوقائع.