هل تعتبر الغرامات ديناً تحبس فيه؟

اقرأ في هذا المقال


اعتبار الغرامات ديناً تحبس فيه:

لقد رأينا أن الحبس يكون لكل دينٍ لزم في ذمة المدين وحلّ أجله، فهل تُعتبر هذه الغرامات من هذه الديون؟ لا شك أن الغرامات تُصبح بمجرد الحكم النهائي بها ديناً في ذمة المحكوم عليه. وعلى ذلك يمكن أن تطبق في شأنها أحكام الشريعة الإسلامية في حبس المدين، ولا يحتج على ذلك بأن الغرامة عقوبة؛ لأن ذلك لا يتنافى مع استقرارها بالحكم ديناً في الذمة.

مقدار المال الذي يحبس فيه:

أما عن مقدار المال الذي يُحبس فيه فلا تقدير له، ويُحبس فيه مهما قل. فيُحبس في درهم وما دونه؛ لأن مانعه ظالمٌ متعنت.

من يُحبس في الدين:

إن من البديهي أن الذي يُحبس في الغرامة هو نفس المحكوم عليه، ولا يُحبس وارث المحكوم عليه لدينٍ على مورثه؛ لأنه لا تِركة إلا بعد سداد الدين، فالذين لا يستقر في ذمة الوارث في الشريعة الإسلامية، حتى يمكن القول بحبسه لهذا الدين.

مدة الحبس:

لقد جاء في شرح الكنز للزيلعي: أنه ليس لحبس المدين مدة مقدرة وأن الأمر مفوض إلى رأي القاضي؛ يحبسه حتى يغلبُ على ظنه أنه لو كان له مالٌ لأظهرهُ، ولم يصبر على ألم الحبس، وذلك يختلف باختلافِ الشخص والزمان والمكان والمال، فلا معنى مع ذلك لتقديره.
وأن ما جاء فيه من التقدير بشهرين أو ثلاثة أو أقل أو أكثر إنما حصل في ظروفٍ معينة، وليس قاعدة حتمية. ويؤيد حبس الموسر؛ لأن الحبس جزاء الظلم، فإذا امتنع من إيفاء الحق مع القدرة على ذلك خُلّد في الحبس حتى يُوفى ما عليه.
وقال رواية في الجامع الصغير”رجلٌ أقر عند القاضي بدينٍ، فإنه بحبسهِ ثم يسأل عنه، فإن كان ميسوراً أبداً حبسه، وإن كان حاله معسراً أخلَا سبيله”.
وفي التاج والإكليل لمختصر خليل: أن من تقعد على أموال الناس، وادعى العدم، وتبين كذبه فإنه يُحبس أبداً حتى يؤدي أموال الناس أو يموت في السجن. وقال عن حبس التلومِ والاختبار في المجهول الحال: إنه يكون بقدر ما يستبرأ أمره، ويكشف عن حاله، وذلك يختلف باختلاف الدين. وعن ابن الماجشون أنه يُحبس في الدريهمات اليسيرة قدر نصف شهر، وفي الكثير من المال قدر أربعة أشهر وفي المتوسط منه شهرين. ونهاية هذا الأمر، أن الراجح هو عدم تحديد مدة الحبس مقدماً، وأنه يختلف طولاً وقصراً تبعاً لكل حالة، ويمتد بالنسبة لمن عنده مال غيبهِ حتى تمام الوفاء.


شارك المقالة: