هل عيسى عليه السلام ابن الله؟

اقرأ في هذا المقال


عيسى عليه السلام ابن الله:

قال تعالى: “وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا ۗ سُبْحَانَهُ ۖ بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ” البقرة:116. إنّ من ضعف البصيرة أن نتخيل أن الخالق له ابنٌ، وقد بينّ الحق هذه القضية في الكهف حين قال: “الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا قَيِّمًا لِّيُنذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِّن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا مَّاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًاوَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا مَّا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ ۚ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ ۚ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا” الكهف:1-5.
إنّ الحق سبحانه وتعالى أنّ يكون له ولدٌ، إنهُ مُنزه عن ذلك، وكانت البداية هي أن المشركين من كفار مكة قد توهموا أن الملائكة بنات الله، ومضوا يتصورون ذلك، وكان ذلك قمة الشرك بالله؛ لأن الله ىعالى لا يمكن أن يتخذ من الخلق أبناء أو بنات.
ثم جاء بعد ذلك مثل هذا الضلال في التصور من بعض اليهود فقالوا ما بيّنهُ لنا الحق تبارك وتعالى حيثُ قال: “وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ۖ ذَٰلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ ۖ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَبْلُ ۚ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ ۚ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ” التوبة:30.
وعُزير هو كاهن من نسلِ هارون، وكان يكتب التوراة، وعندما تصور اليهود أنه ابن لله خرجوا عن الوحدانية لله جلّ وعلا، وابتدع البعض من أتباع المسيح أيضاً تصورا بأن المسيح ابن لله، وهذا قول لم يأت به كتاب أو رسولٍ ولا حجة عليه ولا برهان، فكيف يقع في ذلك أهل الكتاب الذين أنزلت إليهم كتب من السماء وجاءت إليهم رسل من جل وعلا، إن قول الحق في ذاتهِ: “سُبحانهُ” أي تعني التنزيه المُطلق عن ذلك، فقال تعالى في كتابه: “وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَٰنُ وَلَدًالَّقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا” مريم-88-90.
إنّ المشركين واليهود والنصارى قد وقعوا في ضلالِ التصور أن للهِ أبناء من الملائكة أو البشر، وذلك قول شديدٌ ومنكرٌ تكادُ الجبال تسقط قطعاً مفتتة منه، وتكادُ الأرض تنخسفُ، وتكادُ السماواتِ يتشققن منه، كأن المخلوقات التي لا تملك قدرة النفكير كالإنسانِ تكادُ تنهار من فرط الإنكار لمثل ذلك القول، إنّ ضلال ذلك التصور تسلل من عجز الفهم من طلاقة قدرة الحق عندما يقول للشيء: “كُن فيكون”. إنّ المسيح كلمةٌ من الله هي: “كُن” فكان مثلما خلق آدم عليه السلام، وفي ذلك يقول تعالى: “إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ ۖ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ” آل عمران:59.
إن شأن عيسى عليه السلام واضحٌ مثلما أوضح الله تعالى خلق آدم، وكان الأجدرُ أن يُفتن الناس بخلقِ آدم عليه السلام؛ لأنّ عنصر الأبوة والأمومة في إيجاده ممتنعٌ، أما عيسى عليه السلام فعنصر الأبوة وحد المُمتنع، وبعد ذلك يُعلم الحق جلّ وعلا رسولهُ محمداً عليه الصلاة والسلام لو كان لله ولد لكان الرسول أول العابدين له فيقول: “قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَٰنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ” الزخرف:81.


شارك المقالة: