ما هي عجائب ومعجزات عيسى ومريم عليهما السلام؟

اقرأ في هذا المقال


عجائب ومعجزات عيسى ومريم عليهما السلام:

قال تعالى: “وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَىٰ رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ” المؤمنون:50. حين يوجد يوجد لفظ مُفرد ولكنهُ خبرٌ عن اثنين فلا بدّ أنّ أن يَعم الخبر الطرفين، فقول الله تعالى: “وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً” أي بمعنى يُفيد أن الآية ليست من واحد منهما، ولكنها من مجموع الاثنين معاً؛ لأن الآية هنا هي أن عيسى عليه السلام وُلد من غيرِ أبٍ، ومريم أُنجبت ولم يمسسها بشر لا بزواجٍ ولا زنّا، فهذه المسألةُ متعلقةٌ بكلٍ منهما، فالآية لا تكون في واحدٍ منهما دون الآخر.
ونظراً لأن الآية الكريمة مُتعلقةً بهما على حدٍ سواء، فإننا نجدُ أن الحق تعالى تارةً يذكرُ ابن مريم أولاً ويقول: “وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً” ومرةً أخرى يذكرُ مريم أولاً حيثُ يقول تعالى: “وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ” الأنبياء:91. فاجتمع الإثنين سواء في خبرية الآيةِ، وليس لأحدٍ منهما تميزٌ على الآخر، فهذا الأمرُ يدلُ على أنهما شريكان في الآيةِ، أي وهي “المعجزة” فلا يمكن أن تتحقق الآيةُ بواحدٍ منهما.
فالآيةُ في مريم أنها ولدت بدون رجلٍ، وما دام حدث منها، وهذا لا بدّ أن تتعرض للمطاردةِ والاضطهاد، كما تخجل هي من نفسها؛ لأن هذه طبيعة في الأنثى، فإذا كانت بنت شُعيب عليه السلام، ذهبت إلى موسى وهي تمشي على استحياء، فما بالك بمريم حين تأتي قومها وهي تحمل وليدها على كتفها دون أن يكون لها رجل.

كيف حفظ الله مريم وعيسى عليهما السلام؟

لقد حفظ الله مريم عليها السلام من كلّ سوء حتى أن خطيبها يُوسف النجار الذي كان يجب أن يغضب لِما حدث، فقد أنزل الله على قلبهِ السكينةِ والقبول، وظلّ في خدمتها ورعايتها؛ لأن الله يُحول بين المرء وقلبهِ، فقلبهُ كان يجب أنّ يتغير من ناحيتها؛ لأن هذهِ طبائع البشر؛ ولكن الله أنزل هذا الأمر عليه برداً وسلاماً، فلم يفعل شيئاً إلا أنهُ سألها سؤلاً واحداً فقال لها: يا مريم: أريد منك أن تقولي لي: هل رأيت في حياتك شجرةً تنبتُ بدونِ بذرةً.
ومعنى قول الله تعالى: “وَآوَيْنَاهُمَاإِلَىٰ رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ” المؤمنون:50. آويناهما: من الإيواء، ومعناها أن إنساناً اضطرته الظروف واحتاج إلى مكان يعيش فيه فدبر مكاناً أوى إليه، ومريم في هذه الحالة مضطرة ومضطهدة، وكل الناس ينظرون إليها نظرات الاستغراب والشك، فلا بدّ أن يُهيئ الله لها مكاناً تأوي إليه، وهذا المكان لا بدّ أنّ تكون فيه مقومات الحياة، وأولها الهواء ثم الماءثم الطعام، ونحن نعرف أن سطح الأرض يكون حاراً، ولكن إذا ارتفعت على جبل مثلاً تجد الحرارة أقل، فكلما ارتفعت عن سطح الأرض انخفضت درجة الحرارة، فالجو المعتدل لا يكون إلا في ربوة؛ لأنها تعلو عن سطح الأرض، وهي في ارتفاعها أقل من الجبل فتكون مقبولة في الحروفي البرد؛ لأنها مكان متوسط الحرارة، وهذا من ناحية الهواء، ومعنى“ذات قرارٍ” من أسباب القرار والاستقرار: الطعام، فلا بدّ أن في هذه الربوة زرعاً.
والمُعين هو الماء، فالربوة فيها ماءَ أيضاً حينما أراد ربنا سبحانه وتعالى أن يضرب المثل بالأرض التي تؤتي أكلها مرتين قال: “وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ” البقرة:265.

بشارة الملائكة لمريم عليها السلام:

فقال تعالى تعالى: “إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ” آل عمران:45. لقد كانت المرحلةِ الأولى: بالنسبة لإعداد مريم: هي قول الحق سبحانه:”إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ” آل عمران:37. وفيها عرفت طلاقة الله تعالى.
المرحلة الثانية: هي معرفتها بحكاية زكريا ويحيى عليهما السلام، وتأكيد الحق الحق سبحانه، أنه اصطفاها على نساء العالمين، وكان ذلك إيناساً لها. ثم تدخل مريم إلى مرحلة جديدة، وهي قول الحق تعالى: “إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ” والبشارة لا تكون إلا بخبر عظيم مفرح، وقد يتساءل واحد: ماذا يقصد الحق بقوله: “بكلمةٍ منهُ”. فالإجابة: وهي أن الحق سبحانه علّمنا ذلك في قوله تعالى: “كَذَٰلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۚ إِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ” آل عمران:47.
وهذا القول هو مجرد إيضاح وتقريب؛ لأنه لا يوجد عندنا أقصر من الأمر بكلمة “كُن”؛ لأنّ طلاقة قدرتهُ سبحانه تسبق نطقنا بالكاف وهي الحرف الأول “كُن” ولكن الحق سبحانه وتعالى، يوضح بشيء قريب لعقولنا نستطيع أن نستوعبه.
إنّ الحق سبحانه وتعالى إذا أراد أمراً فإنه يقول له: كن فيكون: كن فيكون. وهنا قد يسأل سائل: لمن يقول الحق “كن” إنهُ يقول للأمر، أي أن الأمر يكون موجوداً قبل نطق الحق به، لقد وجد الأمر بمجرد إرادة الله تعالى، إن الحق يقول للأمر: “كُن” فيكون، وذلك إيضاح أن مجرد الإرادة الإلهية لأمر ما فإن هذا الأمر ينشأ، و“كُن” هي مُجرد إظهار الأمر للخلقِ.
وجاءت الثلاثة أنواع في عيسى عليه السلام: “اسمهُ المسيحُ عِيسَى ابنُ مَريَمَ”.فقد كانت وجاهةُ عيسى عليه السلام في الدنيا بنبوتهِ وما أنزلهُ اللهُ عليه، وما أعطاهُ من آياتٍ ومعجزاتٍ مثل إحياء الموتى وإبراء الأكمة والأبرص، وإذا كانت تلك وجاهةً عيسى في الدنيا، فلماذا نصّ الحق على وجاهتهِ في الآخرةِ ووصفهُ بأنه من المقربين.
فالحقُ سبحانهُ وتعالى يُخبرنا أن فتنة بعض الناس في عيسى عليه السلام، واعتقادهم فيه وفي أمّهِ الطاهرة البتول أنهما إلهان من دون الله تعالى؛ فإنّ للمغالي جزاءه، والمغالي فيه تنجية رحمة الله العزيز الغفار، واقرأ قول الله تعالى: “وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَٰهَيْنِ مِن دُونِ اللَّهِ ۖ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ ۚ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ ۚ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ ۚ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ” المائدة:116.
وقوله تعالى: “وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ“، و“المهد” هو ما أعد كفراشٍ للوليد أي أنهُ يتحدث وهو طفل. “وكهلاً” أي في حالة تقدم العمر به، ولقد أورد الحق تعالى: “المهدُ”“وكهلاً” هما رمزانِ لشيءٍ وهما أنّ عيسى ابن مريم من الأغيار؛ يطرأ عليه عليه مرةً أن يكون في مهد، ويطرأ عليه مرةً أخرى أن يكون كهلاً، وما دامَ في عالم الأغيار فلا يجب أن تفتنوا فيه وعلى ذلك لا يصح أنتقولوا: إنه إله أو ابن إله.

المصدر: كتاب أطلس تاريخ الأنبياء، تأليف سامي بن عبد الله بن أحمد المغلوثكتاب قصص الأنبياء تأليف الكاتب محمد متولي الشعراوي.كتاب قصص الأنبياء، تأليف الطيب النجار.كتاب قصصكتاب قصص الأنبياء تأليف عبد القادر شيبة الحمد.


شارك المقالة: