مازلنا نبحث في سِيَرِ العُظماءِ في علم الحديث الّذين عاشوا يحملون نقل الحديث من جيلِهم إلى من بعدِهم، ابتداءً بالصّحابة رضوان الله عليهم الّذين كانوا هم بوابة الحديث لأمّة الإسلام دخل من خلال هذا الباب كثير ممّن تبعوهم فاستزادوا من هذا العلم النّبويّ ودوّنوه لمن خَلْفَهم لتتم مشيئة الله بحفظِ هذا الدّين، ولا زلنا في محطّات التّابعين في الرّواية ووصلنا إلى التّابعي الجليل همّام بن مُنَبّه فتعالوا معنا في سيرته العطرة.
نبذة عن همام
هو: التّابعيّ الجليل، أبوعُقْبَة، همّام بن مُنَبِّه الصّنعاني، ترجع أُصوله إلى فارس، وكان ممّن حضر مع أبيه لليمن، وأسلم في حياة النّبي صلّى الله عليه وسلّم، وقد لقي كثيراً من الصّحابة أثناء أسفارِهِ وروى عنهم الحديث، وهو الّذي دوّن الصّحيفة الصّحيحة عن الرّاوي أبي هريرة وهي من أُولى الصّحف والكتب الّذي دون فيها الحديث في تاريخ التّدوين، وحدّث عنه بما في الصحيفة كثير، وقيل عنه أنّه عاش طويلاً حتى سقط حاجباه وكانت وفاته في العام الثّاني والثّلاثين بعد المئة من الهجرة كما أورد البخاريّ رحمه الله.
روايته للحديث
كان همّامُ بن مُنبّه من التّابعين الّذين رووا عن صحابة رسول الله صلّى الله عليه وسلمّ الحديث النّبويّ وممّن روى عنهم: عبدالله بن عبّاس وأبي هريرة الدّوسيّ وعبدالله بن عمربن الخطّاب وعبدالله بن الزّبيروغيرهم رضي الله عنهم، كما روى عن همّام كثير من تلاميذه من أمثال: عليّ بن الحسن وعَقيل بن مَعْقل بن منبّه ووهب بن منبّه أخاه، رحمهم الله تعالى وكان من الثّقات في رواية الحديث عند أهله.
من رواية همام للحديث
ممّا ورد من رواية همّام بن مُنبّه للحديث ما أورده الإمام مسلم في صحيحه: (( أخْبَرَنا مَعْمرٌ عنْ همّامِ بن مُنَبِّهٍ قال: هذا ما حدّثَنا أبو هريرة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فذكر أحاديثاً منها: وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (بيْنا أنا نائِمٌ أُتِيتُ خزائنَ الأرضِ فوضَع في يَدَيَّ أُسْوارَيْنِ منْ ذَهبٍ فَكَبُرا عليَّ وأهَمَّاني فأُوحيَ إليَّ أنِ أُنْفُخْهُما فَنَفَخْتُهما فَذَهَبا فأَوَّلْتُهُما الكَذَّابيْنِ اللَّذيْنِ أنا بَينَهُما: صاحِبُ صَنْعاءَ وصاحبَ اليَمأمَةِ ) من كتاب الرُؤيا، رقم الحديث2273 )).