ما هي وصايا النبي في الرفق؟
كان للنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم العديد من الوصايا والفضائل التي كان يحث صحابته الكرام رضوان الله عليهم وجميع الناس على قولها وفعلها والقيام بها، لما لتلك الوصايا الفضل في رفعة الإنسان المسلم في الدنيا والآخرة، ولما لها من نفعه كبيرة وأجر عظيم له.
كما أن للرفق أثر حسن جميل في تجميع وتأليف بين القلوب بين الناس وله أثر عظيم في الإصلاح بين المتخاصمين وهداية الكفار والمشركين إلى الدخول في دين الله الإسلام .
لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحث على الرفق ويتمثل ويعمل به في جميع أحواله وفي شؤون حياته كما قالت عائشة رضي الله عنها: “ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين قط إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثماً فإن كان إثماً كان أبعد الناس منه”. متفق عليه.
الرفق مع الأهل:
كان النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم رفيقاً حتى مع أهل بيته الكرام رضوان الله عليهم، فلم يضرب النبي محمد خادماً ولا إمرأة، وهو ما قالته عائشة رضي الله عنها: “ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً قط بيده ولا امرأة ولا خادماً إلا أن يجاهد في سبيل الله وما نيل شيء منه قط فينتقم من صاحبه إلا أن ينتهك شيء من محارم الله تعالى فينتقم لله تعالى”. رواه مسلم.
كما كانت أم المؤمنين السيدة عائشة زوجة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم عندما تهوى شيئاً أتبعها إياه، وذلك ما لم يكن هذا الشئ إثماً، حيث قد أذن لها الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم بأن تنظر إلى أهل الحبشة وهم يلعبون وأيضاً أذن لها أن تفرح وأن تلعب في يوم العيد.
الرفق مع الخادم:
ومن رفق النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم مع الخادم هو ما روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: “خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين والله ما قال لي أف قط ولا قال لي لشيء لم فعلت كذا وهلا فعلت كذا”. روه مسلم.
الرفق مع الأطفال:
وكان النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم رفيقاً بالصبيان والأطفال وهو ما روي عن السيدة عائشة رَضِيَ اللهُ عَنْهُا قالت: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤتى بالصبيان فيبرك عليهم ويحنكهم ويدعو لهم”. أخرجه البخاري.
ومن الأحاديث الدالة على محبة الرسول للصبيان والرفق بهم هو ما روي عن أنس رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزور الأنصار ويسلم على صبيانهم ويمسح على رؤوسهم”. رواه النسائي. وكان الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم دائماً ما يقبل حفيديه الحسن والحسين وكان يلاعبهما، وقد حمل الرسول محمد عليه الصلاة والسلام أمامة بنت زينب في الصلاة وذلك رفقاً بها.
الرفق مع السائل:
كان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم رفيقاً مع السائل وهو ما قاله أنس : “كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه برد نجراني غليظ الحاشية فأدركه أعرابي فجبذه بردائه جذبة شديدة فنظرت إلى صفحة عاتق النبي صلى الله عليه وسلم وقد أثرت بها حاشية الرداء من شدة جذبته ثم قال يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك فالتفت إليه فضحك ثم أمر له بعطاء”. متفق عليه .
الرفق في تعليم الجاهل:
ومن المواقف الدالة على ذلك هو ما روي عن معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه يقول: “بينما أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ عطس رجل من القوم، فقلت: يرحمك الله. فرماني القوم بأبصارهم فقلت: واثكل أميّاه، ما شأنكم تنظرون إلي فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فلما رأيتهم يصمتونني، لكني سكت، فلما صلى النبي صلى الله عليه وسلم، فبأبي هو وأمي، ما رأيت معلماً قبله ولا بعده أحسن تعليماً منه، فو الله ما كهرني ولا ضربني، ولا شتمني، قال: إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير، وقراءة القرآن”. رواه النسائي.
الرفق في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
وكان من درجة رفق النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم هو رفقه وعفوه عن من يقوم بأعمال منكرة وهو ما روي عن أَبي هريرة رضي الله عنه قَالَ : “بال أعرابي في المسجد فقام الناس إليه ليقعوا فيه فقال النبي صلى الله عليه وسلم : دعوه وأريقوا على بوله سجلاً من ماء أو ذنوباً من ماء إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين”. رواه البخاري.
الرفق مع العاصي التائب:
وكان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وسلم رفيقاً مع التائب بعد المعصية وهو ما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: “بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل فقال يا رسول الله هلكت، قال ما لك قال وقعت على امرأتي وأنا صائم فقال صلى الله عليه وسلم هل تجد رقبة تعتقها قال: لا قال فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال: لا فقال فهل تجد إطعام ستين مسكيناً قال لا فمكث النبي صلى الله عليه وسلم قال فبينما نحن على ذلك أُتي النبي صلى الله عليه بعرق فيه تمر والعرق المكتل فقال: أين السائل فقال: أنا فقال: خذه فتصدق به”. متفق عليه.
وكذلك رفق الرسول الكريم محمد مع الرجل الذي قبل أنثى ومن ثم جاء نادماً، فبين له النبي محمد أن الصلاة هي كفارة لما قام به من ذنب، ولم يعنف النبي محمد عليه وهذا ثابت في الصحيح.
الرفق في التعامل مع الكفار:
فعن عائشة رضي الله عنها قالت:“(دخل رهط من اليهود على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: السام عليك ففهمتها فقلت: عليكم السام واللعنة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مهلاً يا عائشة فإن الله يحب الرفق في الأمر كله، فقلت: يا رسول الله، أولم تسمع ما قالوا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فقد قلت عليكم)”متفق عليه.
الرفق بالناس في العبادات:
قال جابر بن عبد الله:“(أقبل رجل بناضحين وقد جنح الليل فوافق معاذا يُصلي فترك ناضحه وأقبل إلى معاذ ، فقرأ بسورة البقرة أو النساء ، فانطلق الرجل وبَلَغَه أن معاذا نال منه ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فَشَكَا إليه معاذاً ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : يا معاذ أفتان أنت أو فاتن ثلاث مرار فلولا صليت بـ سبح اسم ربك والشمس وضحاها والليل إذا يغشى ، فإنه يصلي وراءك الكبير والضعيف وذوالحاجة). متفق عليه. وعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إني لأدخل الصلاة أريد إطالتها، فأسمع بكاء الصبي فأخفف من شدة وجد أمه به”. رواه مسلم.