وصايا النبي في فضل عيادة المريض وزيارته:
كان للنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم العديد من الوصايا والفضائل التي كان يحث صحابته الكرام رضوان الله عليهم وجميع الناس على قولها وفعلها والقيام بها، لما لتلك الوصايا الفضلفي رفعة الإنسان المسلم في الدنيا والآخرة، ولما لها من نفعه كبيرة وأجر عظيم له.
لكل مريض هدية بل العديد من الهدايا من رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أرسله الله عز وجل رحمة للعالمين، ومن هدايا النبي الجميلة والمحفزة لزيارة المريض هو قوله ـ صلى الله عليه وسلم: “إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل فى خرفة الجنة (اجتناء ثمر الجنة) حتى يرجع” (مسلم).
وما روي عن الصحابي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: “قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (من عاد مريضا أو زار أخا في الله، ناداه منادٍ أن طِبت وطاب ممشاك، وتبوأتَ من الجنة منزلا”،(الترمذي).
وعن الصحابي الجليل علي- رضي الله عنه – قال: “سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول: (ما من مسلم يعود مسلما غدوة إلا صلَّى عليه سبعون ألف ملك حتى يُمْسِي، وإن عاده عشية صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح، وكان له خريف (ثمر) في الجنة “( الترمذي ).
وقد ثبت ذلك الأمر في الكثير من المواقف في سيرته وحياته ـ صلى الله عليه وسلم، حيث أنه كان يزور أصحابه الكرام حينما يمرضوا، كما أنه زار غلاماً يهودياً ودعاه إلى الدخول في دين الله الإسلام فأسلم.
ومن الأحاديث الدالة على صحة ذلك الأمر هو ما روي عن الصحابي الجليل أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: “كان غلام يهودي يخدم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فمرض، فأتاه يعوده، فقعد عند رأسه، فقال له: أسلم، فنظر إلى أبيه وهو عنده، فقال: أطع أبا القاسم، فأسلم، فخرج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو يقول الحمد لله الذي أنقذه من النار”، (البخاري).
ومن أقوال الصحابة على أن الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم كان يعود ويزور المرضى هو ما روي عن الصحابي الجليل عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ: ” إنا والله قد صحبنا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في السفر والحضر، وكان يعود مرضانا، ويتبع جنائزنا ويغزو معنا، ويواسينا بالقليل والكثير ” .
ومن هدي النبي الكريم محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ في زيارة المريض أنه كان عليه الصلاة والسلام يرقيه وأيضاً يدعو له بالشفاء، فعن أم المؤمنين السيدة عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم: ” كان إذا أتى مريضًا أو أُتي به إليه قال: أذْهِب الباس، رب الناس، اشفِ وأنتَ الشافي، لا شفاءَ إلا شفاؤك، شفاءً لا يُغادر سقما”،(البخاري).
ومن الأمور الجميلة هو أن يدعو المسلم لأخيه المسلم المريض عندما يمرض فعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: “ما من عبدٍ مسلم يعودُ مريضًا لم يحضر أجلُهُ فيقول سبع مرات: أسأل الله العظيم، رب العرش العظيم أن يشفيك؛ إلا عُوفي “، (الترمذي).
ومن هدي الرسول الكريم محمدـ صلى الله عليه وسلم ـ هو إدخال السرور على المريض وطمأنته أيضاً، والتحدث إلى المريض بما يكون له من نفع، وأيضاً الدعاء له بالشفاء العاجل، وتبشير المريض بالبرء من مرضه، وتذكير المريض بالأجر الذي يتلقاه العبد المريض المبتلى؛ وذلك حتى يخفف من معانات المريض، وتربية المريض على الصبر على ما يصيبه من ابتلاء واحتساب الأجر عند الله سبحانه وتعالى، وكان ذلك لقول الرسول الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ حين دخل على أعرابي يزوره لمرضه: “لا بأس عليك، طهور إن شاء الله”، (البخاري).
وكان النبي الكريم محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ كما يقول ابن القيم: ” يسأل المريض عن شكواه، وكيف يجده ويسأله عما يشتهيه، ويضع يده على جبهته، وربما وضعها بين ثدييه، ويدعو له، ويصف له ما ينفعه في علته”.
وهذا هو الهدي الكريم والجميل من سيد الخلق والمرسلين سيدنا محمد صلى عليه وسلم في أهمية زيارة المسلم لأخيه المسلم عند مرضه، وحث المسلم على الدعاء لأخيه المسلم وطمأنته والتخفيف من مصابه.