وصايا النبي محمد -صلى الله عليه وسلم في العيد

اقرأ في هذا المقال


وصايا النبي محمد -صلى الله عليه وسلم في العيد:

كان للنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم العديد والكثير من الوصايا التي كان يحث صحابته الكرام رضوان الله عليهم وجميع الناس على قولها وفعلها والقيام بها، لما لتلك الوصايا من دور وفضل كبير في رفعة الإنسان المسلم في الدنيا والآخرة، ولما لها من نفعه كبيرة وأجر عظيم له.
العيد هو مظهر من مظاهر الدين الإسلامي، والعيد هو شعيرة من شعائر الدين الإسلامي المعظمة، وكل النفوس مجبولة (مطبوع عليها) على محبة الأعياد والسرور والفرح بها، وقد جاءت سنة النبي الكريم محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ بمشروعية عيدين وهما عيد الفطر وعيد الأضحى، فعن الصحابي أنس – رضي الله عنه – قال:“قَدِم النبيّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: قد أبدلكم الله تعالى بهما خيراً منهما: يومَ الفطر والأضحى” رواه أبو داود.

يوم العيد في بيت النبوة:

في يومٍ بهيج وكبير ملئ بالسرور والفرح من أيام المدينة النبوية، وفي صباح العيد، كان البيت النبوي الشريف وما حوله من البيوت يشهد بمظاهر الاحتفال بالعيد، وكان ذلك على مرأى ومشاهدة وعلم من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم، فعن عائشة أم المؤمنين – رضي الله عنها – قالت: “دخل عليَّ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وعندي جاريتان تغنّيان بغناء يوم بعاث، فاضطجع على الفراش، وحوّل وجهه، ودخل أبو بكر فانتهرني، وقال: مزمارة الشّيطان عند النبي – صلى الله عليه وسلم – فأقبل عليه رسول الله – صلى الله عليه وسلّم – فقال: دعهما، فلمّا غفل غمزتهما فخرجتا” رواه البخاري.
وفي رواية أخرى: “يا أبا بكر إن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا”، وفي رواية أحمد: “لِتعْلَمَ اليهود أنَّ في ديننا فسحة، إني أُرسلت بحنيفية سمحة”.
ومما يجب أن نتنبه إليه هو أن إباحة الغناء في أي يوم من أيام العيد على الصفة المذكورة يعتبر آنفاً إنما هو يكون للبنات الجواري الصغيرات، والغناء هو جائز ولكن بالدُّف دون غيره من آلات الطرب والغناء، وأن لا يكون هذا الأمر هو عادةً لهن يتعوَّدن الغناء فيها بعادة المغنيات، حيث قد نبهت لذلك أم المؤمنين السيدة عائشة ـ رضي الله عنها- كما في رواية ابن ماجة – قالت: “وليستا بمغنيتين”.
وقد قال الحافظ البغوي: “ ويوم بُعاث يومٌ مشهور كان فيه مقتلةٌ عظيمةٌ للأوس على الخزرج، وقد مكثت هذه الحرب مائة وعشرين سنة، حتى جاء الإسلام، وكان شِعر الجاريتين في غنائهما فيه وصف الحرب والشجاعة، وفي هذا معونة ٌ لأمر الدِّين، فأما الغناء بذِكر الفواحش وذكر الحُرَم والمجاهرة بمنكر القول فهو المحظور من الغناء، وحاشاه أن يجري شيءٌ من ذلك بحضرته ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيُغفل النكير له “.
وإنه غير بعيدٍ عن الحجرة النبوية الشريفة فقد كانت هنالك احتفالية تحدثت عنها أم المؤمنين السيدة عائشة ـ رضي الله عنها ـ وهي متممةً لسياق حديثها المتقدم فتقول رضي الله عنها: “وكان يوم عيد يلعب السودان بالدّرق (الدرع من الجلد) والحراب، فإمّا سألت رسول الله – صلى الله عليه وسلّم – وإمّا قال: تشتهين تنظرين؟، فقلت: نعم، فأقامني وراءه، خدّي على خدّه، وهو يقول: دونكم يا بني أرفدة، حتّى إذا مللت، قال: حسبك؟، قلت: نعم، قال: فاذهبي” رواه البخاري.

حيث قد استنبط العلماء من هذا:

  1. إظهار وتبيان السرور في جميع الأعياد بما يحصل فيه من فرح للنفس وأيضاً ترويح للبدن والذي يعتبر ذلك من شعائر الدِّين الإسلامي.
  2. الفرح والسرور واللهو في وقت العيد لا يبرر ذلك القيام بارتكاب المحرمات، ولا يبرر الإخلال بالواجبات أيضاً، وهذا ما قد لمحت إليه السيدة عائشة ـ رضي الله عنها ـ في قولها:“كان الحبش يلعبون بحرابهم فسترني رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وأنا أنظر”، وأيضاً توضحه السيدة عائشة رضي الله عنها بوصفها لتلك للجاريتين بأنهما (صغيرتان)، حيث لم يكن الغناء لهما بعادة.
  3. من هديه النبي الكريم محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأخلاقه العظيمة هو الرفق بالمرأة وأيضاً استجلاب مودتها، لأن المرأة هي مجبولة على هذه المشاعر وأيضاً العواطف والمشاعر الرقيقة، وقد يحصل هذا بتلبية رغباتها الفطرية وأيضاً كل مطالبها الاعتيادية ما دامت هذه الرغبات والمتطلبات مباحة، وقد ضرب النبي الكريم محمد – صلى الله عليه وسلم – أروع وأفضل وأجمل الأمثلة في هذا الباب، وبيوت النبي الكريمة كانت دائماً من تزهوا بمظاهر الإحسان ومظاهر التودد والوفاء لزوجاته الكرام أمهات المؤمنين ـ رضي الله عنهن جميعاً.

شارك المقالة: