وصايا النبي محمد في الأحلام في المنام:
كان للنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم العديد من الوصايا والفضائل التي كان يحث صحابته الكرام رضوان الله عليهم وجميع الناس على قولها وفعلها والقيام بها، لما لتلك الوصايا الفضل في رفعة الإنسان المسلم في الدنيا والآخرة، ولما لها من نفعه كبيرة وأجر عظيم له.
وإذا تكلمنا عن علاقة النبي الكريم محمد – صلى الله عليه وسلم – مع عالم الأحلام وعالم الرؤيا فقد بدأت في وقتٍ مبكّر من عمره، فقد كان أولى علامات صدق نبوّة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ومبعثه عليه الصلاة والسلام، وذلك كما قالت السيدة عائشة رضي الله عنها : “أول ما بدئ به رسول الله – صلى الله عليه وسلم – من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح”، متفق عليه.
والرؤى: “هي في الأصل تُطلق على كل ما يراه الإنسان عند نومه، وتكون تلك الرؤى حقّاً من عند الله سبحانه وتعالى بما تحمل له من بشارة أو من نذارة، والرؤى هي جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوّة”.
ويبيّن ويوضح النبي الكريم محمد – صلى الله عليه وسلم – ذلك بقوله: “الرؤيا الصادقة من الله “ رواه البخاري، وقوله صلى الله عليه وسلم: ” رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة” متفق عليه.
وفي المقابل هنالك العديد من المنامات يكون مبعثها هي وساوس الشيطان الرجيم وعبثه بالإنسان، ويعبّر عنها الرؤى بالأحلام، قال النبي الكريم محمد – صلى الله عليه وسلم: “الحلم من الشيطان” متفق عليه.
وقال الرسول الكريم محمد عليه الصلاة والسلام: “إن الرؤيا ثلاث، منها: أهاويل من الشيطان ليحزن بها بن آدم” رواه ابن حبان.
“ومثل ذلك ما رآه أحد الصحابة في المنام أن عنقه سقط من رأسه فاتبعه وأعاده إلى مكانه، فقال له النبي – صلى الله عليه وسلم: ( إذا لعب الشيطان بأحدكم في منامه فلا يحدثنّ به الناس )” رواه مسلم.
وبين ذلك النوعين هناك نوعٌ ثالث، وهو مجرّد تفاعلٍ لنفس الإنسان تجاه الواقع الذي يعيش فيه، والعديد من المواقف التي يمرّ بها الشخص، فتستخرج حينها مخزون ما تراه تلك النفس أو ما تعايشه في أثناء نومها، فهذا ما يسمّى بأضغاث الأحلام أو أحاديث النفس التي لا يوجد أي تعبير لها، قال الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم: ” ومنها ما يهم به الرجل في يقظته ، فيراه في منامه” رواه ابن حبان .
قال الرسول الكريم محمد – صلى الله عليه وسلم -: “الرؤيا الحسنة من الله فإذا رأى أحدكم ما يحب فلا يحدث به إلا من يحب”، رواه البخاري.
وقال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: “لم يبق من النبوة إلا المبشرات: الرؤيا الصالحة “، رواه البخاري وقال عليه الصلاة والسلام: “إذا رأى أحدكم رؤيا فلا يحدث بها إلا ناصحاً أو عالماً”، رواه أحمد .
وكل ما يرآه الشخص في منامه من جنس الأحلام المزعجة وتلاعبات من الشيطان الرجيم، فقد أرشد النبي الكريم محمد – صلى الله عليه وسلم – صاحبها بأحد هذه الأربعة أمور:
“أن يتعوّذ الشخص بالله من شرّ الشيطان الرجيم وشرّ ما رآه، وأن يبصق الشخص عن يساره عدد ثلاثة مرات، وأن يتحوّل من شقّه أو المكان الذي ينام عليه إلى الشق أو المكان الآخر، وأن لا يخبر بها أي أحداً، ويستفاد من ذلك قول الرسول الكريم محمد – صلى الله عليه وسلم: “وإن رأى ما يكره فليتفل عن يساره ثلاثاً، وليتعوّذ بالله من شر الشيطان وشرها، ولا يحدث بها أحداً ؛ فإنها لن تضره ” رواه البخاري ومسلم واللفظ لمسلم، وزاد في رواية أخرى: ( وليتحول عن جنبه الذي كان عليه ) .
ومن مسائل الرؤى في المنام هو من رأى النبي الكريم محمد – صلى الله عليه وسلم – في المنام فقد رآه حقّاً، ولكن بشرط أن يكون قد شاهد النبي الكريم محمد عليه الصلاة والسلام على صفته الحقيقيّة وهي الصفة المذكورة في كتب الشمائل وغيرها، ودليل هذا قول النبي الكريم – صلى الله عليه وسلم -: “من رآني في المنام فقد رآني؛ فإن الشيطان لا يتمثّل في صورتي” متفق عليه.
ومن خطورة الأمر أن يستوضح صاحب تلك الرؤيا أو أن يطلب تأويل هذه الرؤيا من أي شخص؛ فقد يكون ذلك سبباً في هلاكه أو وقوع الضرر بذلك الشخص، فعلى الشخص أن لا يسأل إلا من يثق في علمه وفي دينه، ولذلك قال النبي الكريم محمد – صلى الله عليه وسلم: ” الرؤيا تقع على ما تعبر، ومثل ذلك مثل رجل رفع رجله فهو ينتظر متى يضعها، فإذا رأى أحدكم رؤيا فلا يحدث بها إلا ناصحاً أو عالماً ” رواه الحاكم .
وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي الكريم محمد – صلى الله عليه وسلم – قال: ” من تحلّم بحلم لم يره كُلِّّف أن يعقد بين شعيرتين، ولن يفعل” رواه البخاري.
وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: “إن من أفرى الفرى أن يُري عينيه في المنام ما لم ترى ” رواه أحمد .