وظائف الرسل ومهماتهم

اقرأ في هذا المقال


استخلف الله تعالى العباد في الأرض، وأمرهم بطاعته وتوحيده، وبعث إليهم الرسل والأنبياء، لإعلامهم بأحكام الله تعالى في الأرض، وكلف الله تعالى بذلك الرسل العديد من المهمات، التي تتعلق بعبادة الله تعالى، وبشرائعه في معاملات الناس وتعاملاتهم في الحياة الدنيا، وسنتعرف على هذه المهمات في هذا المقال بإذن الله تعالى.

البلاغ المبين

أرسل الله تعالى الرسل والأنبياء إلى العباد، بمهمة تبليغ الأمانة، وهذا ما يحتاج للجهود الكبيرة، والجرأة في مواجهة الناس، وخاصة أنّ الرسالات السماوية كانت مخالفة لمعتقدات بعض الناس.

فيأتي الرسول ليأمرهم بما يرفضون ويُنكرون، فيطلب منهم أن يتركوا ما ألّفوه من اعتقادات. ويكون البلاغ بإخبار الناس بما أُنزل من الوحي من نصوص، كما هي دون زيادة أو نقصان، وتبليغهم بما أمر الله تعالى العمل به، وما نهى عنه من أفعال وأقوال، وكذلك الإخبار بالأمور الغيبية التي أوحى بها الله عز وجل، دون تحرف أو تبديل.

الدعوة إلى الله

لا تقتصر مهمة الرسل والأنبياء على إظهار الحق من الباطل، بل كلفهم الله سبحانه وتعالى بالدعوة إلى عبادة الله وتوحيده، وأخبرهم بوجوب الأخذ بالدعوة، والاعتقاد بها في قلوبهم وأفعالهم وأقوالهم.

كما بذل الرسل _عليهم السلام_ الكثير من الجهود، خلال دعوتهم إلى عبادة الله، وتحملوا الكثير من المشاق والمصاعب في سبيل الاستمرار في الدعوة، وإعلاء كلمة الله، واتبعوا الكثير من الأساليب المختلفة خلال دعواتهم، وحاولوا توجيه الناس إليها، وفتح عقولهم بتوضيح معجزات خلق الله تعالى في الكون.

التبشير والإنذار

قال تعالى: وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ سورة الكهف 56. إنّ الدعوة إلى عبادة الله تعالى أمر مرتبط بالتبشير والإنذار، ويكون ذلك متعلقاً بالدنيا والاخرة، فيكون التبشير في الدنيا بصلاح الحال، والعيش الكريم الطيب، وفي الاخرة بالفوز بثواب الله تعالى ورضاه ودخول الجنة.

أمّا الإنذار فيكون بشقاء الحال وهلاكه، والتعب وضيق الصدر في الدنيا، والعذاب الشديد في الآخرة لمن يعصي ربه، ويتعدى حدوده مع الله سبحانه وتعالى.

وأمر الله تعالى الرسل والأنبياء باتباع أسلوب التبشير والإنذار مع البشر؛ لأنه سبحانه تعالى يعلم بطبيعة النفس البشرية، التي جُبلت على حب الخير، والابتعاد عن الشر، فإذا علم الإنسان بما يصل إليه من خير مقابل الإيمان بالله تعالى، والتصديق بدعوته، ويعلم بما يقع به من عذاب بسبب الكفر والعصيان، يبتعد عمّا يوقعه بالعذاب، ويتبع ما يحقق الخير لذاته.

إصلاح النفوس وتزكيتها

من نعم الله تعالى على عباده أنه بعث إليهم مَن يُصلح نفوسهم ويُحييها، ويُنير عقولهم، ويُخرجهم من ظلمات الجهل والباطل، إلى نور العلم والحق، ويُبعدهم عن زيغ الكفر والشرك بالله، بالهداية إلى عبادة الله تعالى وتوحيده، قال تعالى: كَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَاسورة الشورى 52.

ولا يمكن الوصول إلى هذه الغاية من إرسال الرسل والأنبياء، وإخراج الناس من ظلام الجهل والفسق إلى ضياء العلم والهدى، إلّا بالعلم بأحكام الله تعالى وتعاليمه في الكون، وتطهير النفوس بالإيمان بالله تعالى، وتوحيد صفات وأسمائه، والإمساك بالسُّبل التي تُؤدي إلى التوصل إلى رضا الله تعالى ومحبته، وأداء ما أوجبه على عباده من عبادات.

تقويم الفكر المنحرف والعقائد الزائفة

خلق الله تعالى الخلق على الفطرة، حيث كان الناس في أول خلقهم يقومون على عبادة الله تعالى وتوحيده، بعيدين عن الكفر والشرك وما يندرج تحتهما من أفعال، لكن انتشر الكفر والضلال بعد ذلك؛ بسبب تفرقهم واختلافهم، فظهرت العديد من العقائد الزائفة والأفكار المنحرفة.

فبعث الله تعالى الأنبياء والرسل، لإنذار الناس مما انتشر من تلك العقائد والأفكار، التي تُبعدهم عن عبادة الله تعالى وتوحيده، وهدايتهم إلى الصراط المستقيم، بإنكار ما كانوا عليه من انحرافات، قال تعالى: كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَسورة البقرة 213. وقد أنكر كل رسول على قومه الانحراف الذي وجدهم عليه، لأنّ الله تعالى عنى كل من الرسل والأنبياء بتقويم ما يجدون عليه أقوامهم.

إقامة الحجة

أرسل الله سبحانه وتعالى الرسل والأنبياء للعباد ليُقيم عليهم الحجة يوم القيامة، ويمنعهم من مخاصمته جلّ وعلا في العذاب، إذا عذّبهم يوم القيامة على عدم عبادته وطاعته في الدنيا، فقال تعالى: وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُم بِعَذَابٍ مِّن قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِن قَبْلِ أَن نَّذِلَّ وَنَخْزَى سورة طه 134.

ومَن يُعرض عن اتباع الرسل والأنبياء، ويرفض دعوتهم، لا يملك يوم القيامة إلّا الاعتراف بجهله وظلمه، واستحقاقه للعقاب والعذاب، وقد يُوقع الله تعالى العقاب بمَن كذّب الرسل، وكفر برسالاتهم في الدنيا.

سياسة الأمم

من المهمات التي وكّل الله تعالى بها أنبيائه سياسة الأمم التي بعثهم إليها، فهي تحتاج لمن يقودها، ويُنظم أمورها، ويحكم بين أفرادها بالحق والعدل، ويتابعون مصالح الناس بما فيه طاعة لله تعالى، قال تعالى: فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ سورة المائدة 48.

وأوجب الله تعالى على الناس طاعة الرسل والأنبياء، والتصديق بما جاؤوا به، وقد ربط الله تعالى طاعة الرسول بطاعته سبحانه وتعالى، حيث قال: مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا سورة النساء80.


شارك المقالة: