آداب الدعاء

اقرأ في هذا المقال


الدعاء من العبادات التي يطلب فيها المسلم من خالقه الله تعالى ما أراد، وللدعاء العديد من الآداب التي ينبغي على المسلم أن يلتزم بها عند طلبه من الله سؤاله.

ما هي آداب الدعاء

تعتبر الآداب التي يقوم بها الفرد المسلم في أثناء دُعائه من بين الأسباب المؤدية في النهاية إلى استجابته، وتتفرع الكثير من الآداب التي يجب على الفرد المسلم أن يلتزم بها، ومن بين تلك الآداب ما يلي:

أن يخلص الفرد المسلم إلى الله تبارك وتعالى

حيث يعتبر هذا الأدب من بين أعظم الشروط لقبول الدُعاء ومن أهمها وكذلك من أوكدها، حيث يعتبر الإخلاص لله جلَّ جلاله في الدُعاء والسؤال هو ذلك الأمر الذي تدور حوله دوائر الإجابة، كما ويُعد الإخلاص لله في الدُعاء بمثابة روح العبادة، ويُعد أيضاً من شروط قبول العمل، حيث أنَّ الله جلَّ جلاله قال في محكم التنزيل: “فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ“، سورة غافر/ الآية: (14)، ويتضح من الآية السابقة أنَّ الله تبارك وتعالى قد أمرنا أن نكون مخلصين له في دُعائنا.

وجاء سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام مؤكداً على شرط الإخلاص لله تبارك وتعالى في دُعاء المسلم، حيث قال عليه الصلاة والسلام: “يا غُلام، إِنِّي مُعلمك كلامات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تُجاهك، وإذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله“، وقال الله تبارك وتعالى أيضاً في محكم التنزيل مُدلِّلاً على أهمية الإخلاص له في الدُعاء: “فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ”، سورة العنكبوت، الآية:65.

أن يبدأ المسلم بحمد الله والثناء عليه 

فمن الآداب في الدُعاء أن يثني الفرد المسلم على الله قبيل الدُعاء، فهو جلَّ جلاله هو أولى بهذه المقاصد، ولله المثل الأعلى.

حيث أنَّ هذا الأدب جاء في القرآن الكريم ظاهراً وواضحاً كل الوضوح، ومن بين السور القرآنية التي تُبين هذا الأدب هي سورة الفاتحة، حيث أنَّ الله تبارك وتعالى قد افتتح هذه السورة بالثناء على نفسه، وفي هذا الأمر إرشاداً وتعليماً لنا نحن المسلمين، وهذا فيما يخصّ الثناء والحمد عليه جلَّ جلاله قبيل الاستهمام بالدُعاء.

وفي هذا يجب على الفرد المسلم عند دُعائه أن يتخير قبيل الدُعاء الثناء على الله تعالى أحسن وأفضل الألفاظ وأنبلها وأعظمها؛ وهذا لأنَّ الفرد المسلم يُخاطب الله جلَّ جلاله خالق المخلوقات كلها مالك المُلك ربِّ السماوات والأرض وما بينهما، أحسن الخالقين.

الصلاة على سيدنا محمد ويختم المسلم دعاءه بها

أمَّا عن أهمية الصلاة على النبي فتوجد الكثير من الأدلِّة التي دلَّت على أهمية الصلاة على رسول الله بعد الثناء على ربِّ العالمين قبيل طلب المسلم سؤاله من الله، وأكدت كذلك أنَّ ترك الصلاة على النبي قبيل الدُعاء قد تحجبه، حيث قال عليه الصلاة والسلام مؤكداً على أهمية الصلاة عليه: “من صلى عليّ من أمتي مخلصاً من قلبه صلاة واحدة صلى الله عليه عشر صلوات ورفع له عشر درجات ومحا عنه عشر سيئات”.

وجاء تأكيد هذا الأمر في السنة النبوية المطهرة، حيث أنَّ سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام في ذات مرَّة رأى رجلاً كان يدعو في صلاته، ولم يُصلِّ على سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، فقال عليه السلام حينها: “عجَّل هذا“،  ثم ناداه سيدنا محمد عليه السلام وقال له ولغيره: “إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد ربِّه والثناء عليه، ثم ليُصلِّ على النبي صلَّ الله عليه وسلَّم، ثم ليدعُ بعد بما شاء“.

وتعتبر الصلاة على رسول الله بمثابة الدُعاء، فإذا جاءت قبل طلب المسلم حاجته من الله وبعد الثناء على الله جلَّ جلاله أصبحت كالمفتاح للدُعاء، كما وتعتبر أحد أسباب إجابة الدُعاء للداعي.

الجزم في الدعاء واليقين بالإجابة

أن يكون الفرد المسلم على يقين جازم بأنَّ الله تبارك وتعالى سوف يستجيب له ما طلب منه وسأله، فمن أهم الشروط التي يجب أن تتوافر في دعاء المسلم هو اليقين بالله والثقة به كذلك، وأنَّ الله تبارك وتعالى سوف يُحقق له ما يطلب؛ وهذا لأنَّه تعالى هو القادر على فعل المعجزات وقادر على كُل شيء، وهو الذي يقول لكل الأمر كن فيكون بإذنه جلَّ جلاله، حيث قال الله تبارك وتعالى في محكم التنزيل: “إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ“، سورة النحل الآية: (40).

ومن الأمور التي تزيد من ثقة الفرد المسلم بخالقه تبارك وتعالى هو أن كافة الخزائن التي تتضمن على الخيرات والبركات بيده جلَّ جلاله فهو الذي يُعطيها لمن يشاء ويمنعها عمّن يشاء، حيث قال الله في القرآن الكريم: “وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ“، سورة الحجر، الآية: (21).

أن يكون الفرد المسلم ملحا في دعائه ولا يستعجل به 

وهذا الأدب العظيم يكون عند الفرد المؤمن الصادق الخالص لله جلَّ جلاله، وهذا أيضاً يدُّل على أحد سمات العبودية التي تدل على افتقار الفرد الداعي وذُلِّه لله جلَّ جلاله، حيث قال أبو الدرداء: “مَن يُكثر قرع باب الملك يوشك أن يُستجاب له“.

وفي السنة النبوية المطهرة يأتي معنى الإلحاح بأن يُلحَّ الفرد المسلم ثلاثاً، ففي رواية عن الصحابي عبدالله بن مسعود رضي الله عنه وأرضاه أنَّ سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام كان “إذا دعا دعا ثلاثاً، وإذا سأل سأل ثلاثاً”، وهذا الأمر لا يُعني أن يدعو المسلم فقط ثلاث مرات، ولا يُكره الزيادة عن ثلاث؛ وهذا لأنَّ سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام دعا لجند أحمس ورجالها خمساً.

حضور القلب في الدعاء

ويعتبر هذا الأدب من أعظم شروط استجابة الدعاء، كما ويجب على الفرد المسلم أن يحرص على هذا الأمر بشكل شديد ويتمسك به، فيجب أن يستحضر أنَّه يدعو الله خالق السموات والأرض، ويكون حاضراً بقلبه، حيث قال النووي رحمه الله: “اعلم أنَّ مقصود الدعاء هو حضور القلب، والدلائل عليه أكثر من أن تحصر، والعلم به أوضح من أن يذكر“.

وقال سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام في هذا الموضع: “فإذا سألتم الله عزَّ وجل أيُّها الناس، فاسألوه وأنتم موقنون بالإجابة، فإنَّ الله لا يستجيب لعبد دعاه عن ظهر قلبٍ غافل“، بمعنى أن تقوموا بدعاء الله جلَّ جلاله وأنتم واثقين بأنَّه سوف يستجيب لكم جميع ما سألتموه.

الدعاء في الرخاء والشدة

بمعنى أن لا يتقرب العبد ويطلب من الله عز وجل في دُعائه فقط في وقت الشدَّة أو حتى فقط في وقت الرخاء، وإنَّما على الفرد المسلم أن يدعو الله جلَّ جلاله في كل من وقت الشدَّة والرخاء معاً، حيث قال سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام في حديث له: “مّنْ سَرَّه أن يستجيب الله له عند الشدائد والكرب، فليُكثر الدُعاء في الرخاء“، وهذا لأنَّ أغلب الناس لا يدعون الله إلّا عند الشدائد ويبتعدون عن الدعاء في وقت الرخاء.

لا يسأل إلّا الله وحده

بمعنى أن لا يُشرك مع الله في طلبه أحداً، فإنَّ الله جلَّ جلاله هو فقط المعطي والمانع والرزّاق، ولا يُسأل غيره أحد، فقال عليه السلام في الحديث: “فإذا سألت فسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله“.

أن لا يتضمن الدعاء السوء على الأهل والمال والولد والنفس

حيث قال عليه السلام: “لا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا على أولادكم ولا تدعوا على أموالكم ولا توافقوا من الله ساعة يُسأل فيها عطاء فيستجيب لكم“.


شارك المقالة: