أثر الدعوة الإسلامية

اقرأ في هذا المقال


أثر الدعوة الإسلامية:

بعد المعارك الدائبة والمستمرة التي عاشها وخاضها النبي محمد صلى الله عليه وسلم لمدّة أكثر من عشرين عاماً، لا يلهي النبي أيّ شأن في خلال هذا الأمد، حتى وصل النبي إلى مراده ونجحت الدعوة الإسلامية على نطاق واسع وكبير تحيرت لها العقول والأذهان.

فكان من آثار هذه الدعوة أن خضعت وأطاعت الجزيرة العربية لهذه الدعوة الإسلامية، حتى أنّها أزاحت وأزالت غبرة الفكر الجاهلي عن آفاقه، وأيقضت أصحاب العقول العليلة والكبيرة، حتى وصل بها أن تركت عبادة الأصنام، بل كسرها وتحطيمها، وأخذت الأجواء في المدينة المنورة ترتج وتتعالى بأصوات التوحيد لله سبحانه وتعالى، وسماع الأذان للصلوات يشق أجواء الفضاء خلال الصحراء التي قد أحياها هذا الإيمان الجديد، وانطلق القرّاء لكتاب الله الكريم شمالاً وجنوباً في بقاع الأرض، يتلون آيات هذا الكتاب صاحب الكلام العظيم، ويقيمون أحكام الله سبحانه وتعالى في مختلف بقاع الأرض.

ومن الآثار العظيمة للدعوة الإسلامية هو توحد الشعوب والقبائل التي كانت متناثرة ومتباعدة ومتخالفة إن كانت سياسيّة أو دينيّة، حيث خرج الإنسان من عبادة الأصنام والأوثان وعبادة العباد إلى عبادة الله تعالى رب العباد، فلم يكن هناك أيّ قاهر ومقهور، ولم يكن بعد هذه الدعوة من سادات وعبيد، ولم يبقى حكام ومحكومون، ولا حتى ظالم ومظلوم، وإنما كل الناس هم عباد الله تعالى، كل الناس إخوان في الله متحابون فيما بينهم، متمثلون لأحكام الله، حيث أزال الله عنهم فكر وأفعال الجاهلية، وأبعد الله عنهم نخوة الجاهلية وتعاظمها بالآباء، حتى أنّه لم يبق هناك فضل لعربي على عجمي، ولا حتى لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود ولا بكبير على صغير ولا بسيد على عبيد إلّا بالتقوى، فكل الناس من بني آدم سواسية، وآدم من تراب.


فبفضل الله سبحانه وتعالى وبعد ذلك بفضل هذه الدعوة تحققت الوحدة العربية بشكل خاص، والوحدة الإنسانية بشكل عام، وتحققت مع هذه الدعوة العدالة الاجتماعية بين الناس، والسعادة البشرية في جميع القضايا والمشاكل الدنيوية، وأيضاً في المسائل الأخروية، فتقلبت مسيرة الأيام، وتغير وجه هذه الأرض، حتى انعدل خط التاريخ أيضاً، وتبدلت العقلية البشرية من انحطاط فكري جاهلي إلى رفعة فكرية زيّنت عقل البشر وجعلت السعادة منتشرة في كل بقاع الأرض.

إنّ هذا العالم كان تحت سيطرة روح وفكر الجاهلية قبل بداية نشر الدعوة الإسلامية الصحيحة، فقد تعفّن ضميره، وتأسّن روحه، وظهر خلل كبير في القيم والمقاييس البشرية، وساد الظلم الكبير والعبودية المظلة، واجتاحته موجة هائلة من الترف الفاجر الذي تخطّى الحدود ومن الحرمان التاعس، وأغشاه غاشية كبيرة من الكفر والضلال والظلام، على الرّغم من وجود الديانات السماوية، والتي كان قد أدركها وشوهها التحريف والتزوير، وسرى في هذه الديانات ضعف كبير لا حدّ له، حيث فقدت سيطرتها على النفوس، واستحالت حينها طقوساً وأعراف جامدة لا حياة فيها ولا روح.

وعندما قامت هذه الدعوة بدورها في حياة البشرية على أكمل وجه؛ انتهت روح البشر من الوهم والخرافة التي كانت عليها ومن العبودية والرّق الذي كان منتشراً، ومن الفساد والتعفن المتفشي، ومن القذارة والانحلال الموجودين في ذلك الزمن، وتخلص المجتمع الإنساني من بُهت الظلم والطغيان، وأيضاً من التفكك الكبير ومن الانهيار، وتخلصت من فوارق الطبقات التي كانت سبباً في العبودية والتكبر، وتخلصت من استبداد الحكام الضَّال، ومن استذلال الكهان الكبير، وقامت هذه الدعوة ببناء العالم على أسس وقواعد ومناهج من العفّة والنظافة، وأسّست طريق الإيجابية والبناء، وقادة نظام الحرية والتجدد، وأيضاً من المعرفة واليقين، والثقة والإيمان والثقافة والصدق والعدالة والكرامة، ومن الأمور المهمّة العمل الدائب، حتى يكون هناك تنمية حياتية، وترقية في الحياة، وإعطاء كل ذي حق حقه للوصول لحياة سعيدة وكريمة.


شارك المقالة: