أحداث بعد قدوم وفد ثقيف:
وبعد أن وافق النبي محمد عليه السلام على شرط وفد ثقيف بأن يقوم النبي بهدم اللات وليس ثقيف كتب النبي محمد صلى الله عليه وسلم لهم كتاباً، وأمّر النبي عليهم عثمان بن أبي العاص الثقفي، لأنّ عثمان كان أحرصهم على التفقُّه في دين الإسلام وتعلم الدين الصحيح والقرآن الكريم.
وذلك أنّ هذا الوفد كانوا كل يوم يأتون فيه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويخلفون في رحالهم عثمان بن أبي العاص، فإذا عادوا وقالوا بالهاجرة ذهب عثمان بن أبي العاص إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستقرأه القرآن الكريم، وسأله عن دين الإسلام، وإذا وجد عثمان النبي نائماً عمد وذهب إلى الصحابي أبي بكر الصديق لنفس ذلك الغرض، وقد قيل عن عثمان بن أبي العاص: “حيث أنّه كان من أعظم الناس بركة لقومه في وقت الردّة، فإنّ ثقيفاً لمّا عزمت على الردة قال لهم: يا معشر ثقيف كنتم آخر الناس إسلاما، فلا تكونوا أول الناس ردة، فامتنعوا على الردة، وثبتوا على الإسلام”.
وعاد ذلك الوفد إلى قومهم فكتمهم الحقيقة، وخافوا من حصول الحرب والقتال، وكان الحزن والكآبة ظاهرة عليهم، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد سألهم الإسلام وترك الأفعال المحرمة من الزنا وشرب الخمر وأعمال الربا وغيرها من الأفعال المحرمة، وأيضاً ألّا يقاتلهم، عندها أخذت قبيلة ثقيف نخوة الجاهلية، وما كان منهم إلّا أن مكثوا مدّة يومين أو ثلاثة أيام يريدون قتال النبي محمد صلى الله عليه وسلم، لكن بعد ذلك ألقى الله سبحانه وتعالى في قلوبهم الرّعب والخوف، وقدموا إلى الوفد وقالوا لهم: “ارجعوا إليه فأعطوه ما سأل”، وفي ذلك الوقت أبدى هذا الوفد حقيقة وواقعية الأمر، عندها أظهروا ما صالحوا عليه، وبعد ذلك أسلمت قبيلة ثقيف.
وأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجالاً حتى يقوموا بهدم اللات، وأمر النبي على الرجال الصحابي الجليل خالد بن الوليد رضي الله عنه.
فقام الصحابي المغيرة بن شعبة وأخذ الكرزين وقال عندها لأصحابه: “والله لأضحكنكم من ثقيف”، حيث قام يضرب بالكرزين، وبعد ذلك سقط يركض، فارتجّ أهل مدينة الطائف، وقال حينها أهل الطائف: “أبعد الله المغيرة، قتلته الربة”، لكن المغيرة وثب وقال لهم: “قبحكم الله، إنّما هي لكاع حجارة ومدر”، وبعد ذلك قام بضرب الباب فكسره، ثمّ قام وعلا أعلى سورها، وعلا الرجال معه فهدموها وسووها بالأرض حتى أنّهم قاموا بحفر أساسها، عندها أخرجوا حليها وأخرجوا لباسها، فاندهشت قبيلة ثقيف، وعاد الصحابي خالد بن الوليد مع مفرزته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه الحلي والكسوة، عندها قسّمه رسول الله صلى الله عليه وسلم من يومه، وحمد وشكر الله تعالى على نصرة نبيه وإعزاز دين الإسلام.