إنّ قبض المال الموهوب من أهم شروط لزوم عقد الهبة، وتثبت ملكية المال الموهوب بهذا الشرط، كما نصّ على ذلك الخلفاء الراشدون وأجمع عليه جمهور الفقهاء، وهناك عدة أحكام تتعلّق بقبض الهبة، سنتحدّث عنها في هذا المقال بإذن الله تعالى.
أحكام قبض الهبة:
- اتّفق الفقهاء على ضرورة قبض الهبة للزوم العقد، حيث أنه لا يمكن للموهوب له أن يتملّك المال الموهوب إلّا بعد أن يُصبح في حوزته.
- كما اشترط الفقهاء مجتمعين في الرأي على أنّ قبض الهبة لم يكن صحيحاً، ما لم يسمح الواهب للموهوب بذلك، وإن تمّ قبض المال الموهوب دون موافقة الشخص الواهب، فإنّ القبض ليس صحيحاً، ولا يتم العقد، وليس من حق الموهوب له تملّك المال، إضافة إلى وقوع الضمان على الموهوب له.
- قد يكون القبض في عقد الهبة حقيقياً، أو حكمياً، فالقبض الحقيقي هو أن يتملّك الموهوب له العين بشكل كامل، وتقع بحيازته، ويُسمّى القض هنا كاملاً، أمّا القبض الحكمي فيكون بتخلية الموهوب من ملكية الواهب لملكية الموهوب له ويُعرف بالقبض الناقص.
أنواع المال الموهوب:
- المال المفرز: وهو المال المنفصل عن غيره، وعند هبة المال المنفصل، يتم عقد الهبة بحيازة المال وتسليمه للموهوب له عن طريق الواهب، ويمكن تسليم المال المنفصل الموهوب لمن ينوب عن الموهوب له.
- المال المشاع: وهو المال الذي يشترك في تملّكه أكثر من شخص، مع عدم تحديد حصة أي واحد من الشركاء، وعند هبة المال المشاع، ويجب فرزه وتحديد الحصة الموهوبة وتسليمها للموهوب له، وإن كان المال المشاع غير قابل للقسمة، يكون القبض هنا حكمياً، وتصحّ هبته، لأنّ بيع المال المشاع صحيح.
- هبة المال المتّصل بغيره: هو المال الذي يكون متصلاً بمالٍ آخر اتصال، فيتم فصل المال المتّصل اتصال مجاورة وتسليمه للموهوب له، أمّا المال المتّصل اتصال الملاصقة، فلا يتحقق الملك فيه إلّا بالقبض الحقيقي، ويكون ذلك بفصل المال الملتصق بغيره، وإعطاءه منفصلاً للموهوب له، فلا يُمكن أن يتم القبض والمال ما زال متّصلاً.
- هبة الدَّين: قد يقوم الدائن بهبة مال الدّين للمدين، أو لأي شخصٍ آخر، فإن كانت الهبة هنا للمدين، فهذا لا يتطلّب قبوله عند بعض الفقهاء، وتبرأ ذمته من الدّين وينتهي عقد القرض بالهبة.
أمّا هبة الدّين لشخصٍ غير المدين، فلم يُجزها جمهور الفقهاء، إلّا أن المالكية قالوا بأنّها جائزة إذا تمّ الإشهاد على هبة الدّين، وتسليم وثيقة الدّين من الواهب للموهوب، ويخرج الواهب وهو الدائن في عقد القرض من بين المدين والموهوب، وإن لم يكن المدين قادراً على سداد الدّين فالهبة في هذه الحال باطلة، بسبب عدم تحقق حضور المال الموهوب.