بعد ما ثبتَ الرسولُ صلّى الله عليه وسلم على دعوتهِ ، وما رأتهُ قريش من ذلك الإصرار من النَّبي وأصحابه على ثباتهم وقوتهم وتمسكهم بدينهم ومقاومتهم لكل ما يخطِّط له المشركين من محاولات إيقافٍ لدعوتهم ومرادهم وغايتهم. فلجأت قريش إلى أسلوب اختراقِ عاداتِ الاحترامِ، وكانت من بدأ بالاعتداء على هذه الدعوة .
الاعتداء على الرسول
قامت قريش بالاعتداءِ على النَّبي مع ما كان يقومون به من سبٍ وسخريةٍ واستهزاءٍ وتشويهٍ والتشويش وتلبيس التهمِ ،فكان بشكل طبيعي على رأس تلك الاعتداءات عمّه أبو لهب ،فهو أحد رؤوس بني هاشم ولا يخشى من أيِّ شئ يخشاه القوم ، فأصبح أبو لهب من أكثر أعداء الدَّعوة الإسلامية ولكل من يتَّبع هذا الدين، فقام بالاعتداء على النَّبي قبل أن تفكِّر قريش بأمر الاعتداء من أصلهِ ، وكانت بنات الرَّسول رقية وأم كلثوم هنَّ زوجات عتبة وعتيبة أناء عمّه أبو لهب قبل البعثة، فبدأ يتعامل مع أبنائهِ بعنفٍ حتى يطلقوهنَّ فقاموا بذلك .
وعندما ماتَ عمّ النبي عبد الله أستبشروا قريش بذلك وخاصَّة عمُّه أبو لهب وبشَّر المشركين بذلك وقال لهم أنَّ محمداً صار أبتراً، وكان أبو لهب يجول خلفَ النبي في موسم الحجِّ وفي الأسواق ليقوم بتكذيبهِ. وكانت امرأته أم جميل أروى بنت حرب ليست أقلَّ عداوة للنبي من زوجها ، فحملت الشوك لتضعه في طريق النبي وعلى باب النبي ليلاً، وكانت كثيرة الافتراء وصاحبة لسان يبسط الذَّم والشتاؤم ، وتشعل نار الفتنة والحرب على النبي لذلك نزلت سورة المسد بقوله تعالى:( وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ ).
ومن الذين كانوا يؤذونَ رسول الله صلَّى الله عليه وسلم في بيتهِ ( أبا لهب ، والحكم بن أبي العاص بن أميَّة، وعقبة بن أبي معيط، وعلي بن حمراء الثقفي، وابن الأصداء الهذلي) وكانوا جيرانَ النَّبي، ولم يسلم منهم أحد، فكانوا يطرحون على نبينا الكريم الشَّاة وهو يصلِّي ، وكان أحدهم يطرح الشاة في برمته إذا نصبت له، حتى اتخذ رسول الله حجراً ليستتر به منهم إذا قام للصلاة، فكان رسول الله إذا طرحوا عليه الأذى يخرج به على العود، فيقف به على بابه ، ثمَّ يقول : ( يا بني عبد مناف أيُّ جوارٍ هذا، ثمَّ يلقيه في الطريق).