الإمام مسلم والرواية

اقرأ في هذا المقال


نَصِلُ في البَحْثِ عنْ رُواةِ الحديثِ في القرْنِ الثَّالثِ، حيثُ عصْرُ التَّدوينِ والمُصَنَّفاتِ، مرْحَلَةُ جديدَةٌ منْ رِوايَةِ الحديثِ بأُسْلوبٍ علْمِيٍّ ومنْهَجٍ يقومُ على التّثَبُّتِ بشروطٍ عالِيَةِ المُسْتوى، ليتِمَّ تنْقيحُ الحديثِ وتصْنيفِهِ بينَ الصَّحيحِ والضَّعيفِ والمَقْبولِ والمرْدودِ قبلَ تدوينِهِ في الكُتُبِ، وقدْ برَزَ في هذا القْرْنِ رواةٌ حَفَظَةٌ منْهمْ الإمامُ مسْلِمُ بنُ الحجَّاجِ النَّيْسابورِيٌّ، فتعالوا مَعَنا في الحديثِ عنْ سيرَتِهِ في الحديثِ النَّبويِّ الشَّريفِ.

نبذة عن الإمام مسلم:

هوُ الإمامُ العلَّامَةُ الحافِظُ المُحَدِّثُ، أَبو الحُسَيْنِ، مُسْلِمُ بنُ الحَجَّاجِ بن مُسْلِمِ بنِ ورْدِ بنِ كُوشاذَ القُشَيْرِيُّ النَّيْسابورِيُّ، منْ أبرزِ رواةِ الحديثِ والمُصَنِّفينَ بعدَ الإمامِ البُخارِيُّ رَحِمَهُما اللهُ، كانتْ ولادَتُهُ في العامِ الرَّابِعِ بعدَ المائَتيْنِ منَ الهِجْرَةِ، وطلبَ العِلْمَ صَغيراً، وارْتَحَلَ في طلبِ الحديثِ بين الشّامِ والعِراقِ ومِصْرَ الحجازِ حتَّى أصْبَحَ منْ جهابِذَةِ المُحَدِّثينَ في زَمانِهِ، وكتبَ كِتابَهُ الصّحيحَ فيما رواهُ منْ شيوخِهِ وفقَ شروطٍ ومنْهجٍ علمِيٍّ، وكانتْ وفاتُهُ يرْحَمُهُ اللهُ في العامِ الحادِي والسِّتينَ بعدَ المائَتينِ منَ الهِجْرَةِ في بَلَدِهِ نيسابورَ.

سيرة الإمام مسلم مع الحديث:

كانَ الإمامُ مُسْلِمُ بنُ الحَجَّاجِ النَّيسابورِيُّ منْ أعلامِ الرُّواةِ والمُصَنِّفينَ للحديثِ في القرْنِ الثَّالِثِ الهِجْرِيِّ، وقدْ رَحلَ في طَلَبِ الحديثِ ورَواهُ عنْ طريقِ كثيرٍ منْ المُحَدِّثينَمنْ أمْثالِ: إسْحاقِ بنِ راهَويْهَ ويحيْى بنِ يَحْيََى التَّميمِيِّ وداوودَ بنِ رشيدٍ وعُثْمانَ بنِ أبي شَيْبَةَ وإبراهيمَ بنِ سَعيدٍ الجَوْهَرِيِّ ومحمَّدِ بنِ المِنْهالِ الضَّريرِ وعليِّ بنِ الجَعْدِ وزُهيرِ بنِ حَرْبٍ ومَحْمودِ بنِ غَيْلانَ وسعيدِ بنِ منْصورٍ ونَصْرِ بنِ عليِّ الجَهْضَمِيِّ وقُتَيْبَةَ بنِ سَعيدٍ وبندارِ مُحَمَّدِ بنِ بَشَّارٍ ويَحْيَى بنِ مَعينٍ ومُحَمَّدِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ ومُحَمَّدِ بنِ المُثَنَّى وغيرِهمْ كثيرُ يرْحَمُهُمُ اللهُ جميعاً.
أمَّا منْ حدَّثَ عنِ الإمامِ مُسْلِمِ بنِ الحجَّاجِ فهمْ كُثُرٌ منْهُمْ: عبدُ اللهِ بنُ يَحْيَى السَّرْخَسِيُّ ومُحَمَّدُ بنُ عبدِ الوّهابِ الفَرَّاءُ والإمامُ أبو بكْرِ بنُ خُزَيْمَةَ وأبو العَبَّاسِ السَّراجُ وعليُّ بنُ الحُسَيْنِ بنِ الجُنَيْدِ والإمامُ أبو عيسَى التِّرْمِذِيُّ وأحَمَدُ بنُ سَلَمَةَ النَّيْسابورِيُّ وعبدُ الرَّحمنِ بنُ أبي حاتِمٍ وغيرُهُمْ يرْحَمُهُمُ اللهُ.

الإمام مسلم والصحيح:

يُعْتَبَرُ صحيحُ الإمامُ مُسْلِمُ بنُ الحَجَّاجِ منْ أصحِّ الكُتُبِ في الحديثِ بعدَ القُرْآنِ الكريمِ والصّحيحِ الجامِعِ للإمامِ البُخارِيِّ، وقدْ جَمَعَ فيه الحديثَ ودَوَّنَهُ على شُروطٍ عالِيَةِ المُسْتَوَى في تخريجِ الأحاديثِ الصَّحيحَةِ فقطْ، وكانَ لَهُ شُروطٌ خاصَّةٌ في قبولِ الحديثِ منْ حيثِ السَنّدِ والمَتْنِ، فلمْ يَقبلِ الرِّوايَةَ إلَّا منْ ثبَتَتْ عدالَتُهُ وضَبْطُهُ منَ الرُّواةِ وبثبوتِ الإلْتِقاءِ والمُعاصَرَةِ للرَّاوِي لمنْ رَوَى عنْهُمْ منَ المُحَدِّثينَ، وقدْ صنَّفَ الإمامُ مسْلِمٌ كِتابَهُ على الأبوابِ الفقْهِيَّةِ تحتَ كُتُبِ تَضُمُّها، مدْرِجاً تَحْتُ كلِّ بابٍ منْها الأحاديثَ الوارِدَةِ، ولازال كِتابُهُ لِهذا اليومِ مرْجِعاً لِطَلَبَةِ الحديثِ خاصَّةً وللأُمَّةِ الإسْلامِيَّةِ عامَّةً في اسْتْباطِ الأدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ.


شارك المقالة: