الامتحان العظيم للنبي صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام رضي الله عنهم في غزوة حنين

اقرأ في هذا المقال


الامتحان العظيم للنبي محمد صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام رضي الله عنهم في غزوة حنين:

لقد كانت الهزيمة للمسلمين عند المواجهة الأولى امتحاناً عظيماً لهم، ولا يوجد هناك أي شك، وقد صمد النبي الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم والقائد الأكبر للجيش الإسلامي لهذا الامتحان، فثبت عليه الصلاة والسلام مكانه مثل قطب يمكّن أصحابه الكرام المنهزمين المنغلبين من العودة حتى يكونوا حوله، إذا ما  علموا أنّه حي باق وثابت في مكانه، وذلك في موقعه في ساحة ميدان المعركة.

وما كان لمن هو في منزلة سيدنا محمد بن عبد الله الهاشمي النبي الكريم صلى الله عليه وسلم أن يفر ويهرب مهما كانت الظروف، ومهما كانت النتائج، ومهما كانت الاحتمالات في تلك الساعات الرهيبة والعصيبة، التي لم تمر بجيش الإسلام والمسلمين الذي يقوده الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم تجربة مريرة وصعبة مثل هذه التجربة.

إنّه رسول الله الكريم، مرسل من عند الله سبحانه وتعالى، فهو واثق بشكل لا محدود من نصر الله عز وجل له، ومن يثق بالله عز وجل لن يتمكن عدوه منه، ثم إن النبي الكريم محمد بن عبد الله سید السادات وقائد القادات، قائد أعلى الجيش هو مسؤول عنه صلى الله عليه وسلم، ولا بدّ عليه هو أن يعالج الوضع، وأن يخفف الرعب الذي شعر به المسلمين، وقد كان الوضع الذي وصل إليه الجيش الإسلامي بالرغم من هزيمته لا يزال سليماً، ولم تنزل به أية خسارة في الأرواح تذكر.

إذن كان من الواجب من القيام بإعادة الجيش الإسلامي إلى أرض ميدان معركة حنين، إن الذين فوجئوا بهجوم جيش هوازن وقائدها المباغت الصاعق ليسوا من الجبناء، إن من بينهم من رفعوا الرأس وجعلوا الإسلام يدخل التاريخ من أوسع أبوابه يوم واقعة بدر، فصمدوا في ذلك اليوم لقوات الشرك، وانتصروا عليها، وهي تفوقهم في العدد ثلاثة أضعاف، وتتفوق عليها في العتاد، وفي التموين وفي كل شيء مادي بشكل كبير.

أمّا في واقعة يوم غزوة حنين فقوات وقائد جيش هوازن كان عددها يقدّر بعشرين ألفاً، وكان عدد جيش المسلمين حينها اثنا عشر ألف، إنّه ليس هناك أي تفوق ساحق لجيش هوازن على جيش المسلمين في العدد، إذن فقد كانت هزيمة جيش المسلمين والإسلام المفاجئة والصعبة في يوم غزوة حنين عند المرحلة والمواجهة الأولى في بداية المعركة لها عدّة أسباب، فليس من بينها الجبن من المسلمين أو الخوف والرعب، ولكن كان السبب على قد فسره الخبراء العسكريون، أنّه عامل الصدمة والمفاجأة المذهل، وأيضاً وجود عناصر قبلية بدائية حديثة العهد بالإسلام، لا تزال تتحكم فيها الفوضى في الجيش والجند.

كما أنّه كانت هناك عناصر داخل الجيش الإسلامي النبوي أظهرت إسلامها حديثاً (دخلت الإسلام حديثاً) ولم يدخل الإيمان في قلوبها، فهذه العناصر كان لها دور بشكل كبير في صنع الهزيمة، وفي زرع الخوف والرعب في قلوب جيش المسلمين، وذلك بما كانت تختزنه نفوسها من بقايا العقلية جاهلية، التي قد جعلتها تتصرف تصرف من يقصد أن تكون الهزيمة للجيش الإسلامي، ويكون النصر من نصيب جيش هوازن، وذلك بدليل أن أول المنهزمين كان في الجيش النبوي الإسلامي عند المواجهة الأولى في بداية القتال مع جيش هوازن هم من هذه العناصر، كما قد أكّده ذلك، وكرره كبار المؤرخين الذين كتبوا وقائع ما حصل في معركة حنين.

والخلاصة في أنّ الهزيمة عند المواجهة الأولى من واقعة يوم غزوة حنين كانت امتحاناً قد اضطربت فيه وحدات الجيش النبوي الإسلامي ثمّ انهزمت، فثبت حينها القائد الأعلى الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم الشريف، فكان ثباته والمائة من الصحابه الكرام رضي الله عنهم جميعاً هو عامل أساسي في معالجة الوضع، وفي تحسينه ثم تعديله وترجيح كفة الجيش الإسلامي النبوي المنهزم، وجعله يتخذ موقف ثابت في الهجوم الصاعق بعد أن كان في موقف المنهزم الهارب، وذلك بعد أن ثبّت الله سبحانه وتعالى جيش  المؤمنين فعادوا إلى ميدان ساحة معركة حنين، وذلك بعد أن علموا أن رسولهم الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وقائدهم الأعلى لايزال ثابتاً في موقفه في الميدان، حيث ضربوا وجوه جيش هوازن بالسيف وطعنوا في صدورهم بالرماح.


شارك المقالة: