التعريف برواية حفص وأسباب انتشارها

اقرأ في هذا المقال


رواية حفص عن عاصم هي رواية لتلاوة القرآن الكريم رواها القارئ الكوفي حفص بن سليمان، عن معلمه الشيخ والإمام عاصم بن أبي النجود، وقد التزم  حفص بهذه الطريقة في جميع تلاواته للقرآن الكريم، وكان متقناً لها وأصبح معلماً ماهراً فيها، بعد معلمه الشيخ عاصم، وكان له العديد من التلاميذ الذين تعلموا منه إتقان قراءة عاصم بمهارة، وبسبب اتقانه وبراعته في هذه القراءة وحفظه للقرآن الكريم في الزمن الذي عاش فيه، وشهرته الكبيرة بالتلاوة المميزة لآيات القرآن بقراءة عاصم، اعتمد العلماء نسبة رواية قراءة عاصم له.

من هو الإمام عاصم

الإمام عاصم هو عاصم بن أبي النجود الأسدي، وهو قارئ من الكوفة، وكان الشيخ المعلم لقراءة القرآن فيها، ثمّ اعتمده علماء التجويد كواحد من أشهر عشر قراء، لما كان يتمتع به من فصاحة ومهارة في التجويد والتحرير والإتقان.

تعلَم عنده الكثير من التلاميذ، الذين أصبحوا بعد ذلك قراء ماهرون في التلاوة والتجويد، وكان هو تلميذاً عند أعلام تعلموا من الصحابة، الذين أخذوا قراءاتهم عن النبي صلى الله عليه وسلم، منهم أبي عبد الرحمن السلمي، وزر بن حبيش.

من هو القارئ حفص

القارئ حفص هو حفص بن سليمان بن المغيرة، يُكنّى بأبي عمر، تعلّم القراءة من الإمام عاصم بالتلقين المباشر، حيث كان يعيش معه؛ فهو ابن زوجته، فكان يقرأ عليه ويكرر أمامه حتى تعلم القراءة بمهارة، وكان ضابطاً متقناً لأحكام التلاوة والتجويد، وبناءً عليه أقرأ العديد من التلاميذ زمناً طويلاً حتى توفي.

وكان من سلوك العلماء أن يختاروا تلميذين لكل إمام من أصحاب القراءات العشر، فاعتمدوا الإمام حفص تلميذاً وراوياً للإمام عاصم، ومعه شعبة راوياً آخراً. ولشهرة رواية حفص الكبيرة، كان أغلب الناس وما يزالون إلى يومنا هذا لا يتعلمون التلاوة والتجويد إلّا برواية حفص.

أسباب انتشار رواية حفص

اشتهر في كل بلد من البلاد الإسلامية فئة من الناس، كانت مهمة تحفيظ القرآن الكريم وإقرائه من أهم أعمالهم، وبسبب الخلافات التي وقعت على ما احتمله الرسم العثماني للمصحف الشريف؛ بسبب علامات الضبط والإمالة وغيرها، اعتمد أكثر القراء على مت كانوا يتعلمونه بالتلقي من المقرئين؛ ثم أجمع أهل العلم والقرآن على أن يعيّنوا قارئاً أميناً موثوقاً، بالنقل المتواتر والرواية الصحيحة للقراءة، وتوافق قراءته لرسم المصحف العثماني، واحتوائها لأركان القراءة الصحيحة عند علماء التجويد، فكانت قراءة عاصم برواية حفص من أشهر القراءات التي جمعت ما أراده العلماء والقراء.

هناك العديد من الأسباب التي كانت سبباً لانتشار قراءة الإمام عاصم برواية الإمام حفص، منها:

  • لم يجب الشرع على المسلم قراءة القرآن بجميع قراءاته، وأمر بتلاوته بالطريقة التي تتيسر له فقال الله تعالى: “فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا” سورة المزمل 20. وأفادت الآية الكريمة اختيار السلوك الأيسر لأداء ما على المسلم من عبادات، وبالتالي عدم وجوب القراءة بكل القراءات، وكان هذا من أهم ما دفع الناس إلى القراءات التي فيها تسهيل وتيسير للناس؛ أما مَن كانت عنده الرغبة في تعلم القراءات ومعرفة القراء والمقرئين، يتعلم جميع القراءات ويتعرف القراء والرواة.
  • كانت الكوفة في عصر الإمام عاصم وتلميذه الإمام حفص داراً للخلافة، يأتيها العلماء والقراء من كافة بلاد المسلمين، كما أنّ الإمام حفص وقتها تفرغ لتعليم التلاوة والتجويد، ثم انتقل بعد ذلك إلى بغداد، وبعدها إلى مكة وكان مُقرِءً في جميع البلاد التي عاش فيها، مما أدى إلى سرعة نشر روايته وشهرتها.
  • كان حفص من الرواة المتقنين لقراءة الإمام عاصم، وتشتهر روايته بقوة السند، وكان قارئاً من القراء المفضلين بالإتقان ومهارة التجويد، كونه عاش مع معلمه الإمام عاصم في بيت واحد. ووصف القراء حفص بالقارئ الماهر الذي يضبط الحروف والأحكام في تلاوته، واتخذوه مقرءً لناس دهرًا، وكان سند القراءة التي أخذها عن شيخه يتصل بالصحابي الجليل علي بن أبي طالب رضي الله عنه. الأمر الذي دفع الناس للإقبال الشديد على حفظ القرآن الكريم وتلاوته برواية حفص.
  • إن رواية حفص لقراءة عاصم من الروايات السهلة القراءة، والميسرة لسرعة إتقان الأحكام وضبط الحروف، مما تجعل الرغبة في نفس القارئ لممارستها.
  • كما ساعد التزام المطابع بطباعة المصاحف برسم القرآن على قراءة حفص، على سرعة انتشارها وشهرتها بين الناس على مر الزمن، واعتمدت أغلب الإذاعات والوسائل المرئية للإعلام على مختلف أشكالها؛ على عرض تلاوة القرآن الكريم برواية حفص، وهذا أمر واقعي وملحوظ في هذا الزمن، وكان أول تسجيل للقرآن الكريم في البلاد الإسلامية برواية حفص.
  • كانت أغلب المدارس والجامعات في البلاد الإسلامية، تعتمد على تدريس القرآن الكريم برواية حفص، سواء في التحفيظ أو في تدريس أحكام التلاوة والتجويد؛ لأنها كانت قراءة حفص تحتمل أبسط القواعد في تلك الأمور.

وقد حبى الله سبحانه وتعالى قراءة حفص بالقبول والرغبة، لأسباب كثيرة فهي قراءة ميسرة، ولا تقلل من شأن وأهمية القراءات الأخرى، فكلها كلام الله تعالى، وترتيل من قدير عزيز، ويدعو بعض العلماء في تخصص القراءات إلى تعليمها ونشرها بين الناس، لترغيبهم فيها، وزيادة متعتهم بحلاوة وطلاوة كلام الله سبحانه وتعالى.


شارك المقالة: