الصفة الخلقية للنبي

اقرأ في هذا المقال


نعرف أنّ للحديث تعريفاً عند أهل العلم بأنّه: ما ورد عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم من قول أو فعل أو تقرير أو صفة خُلُقِيَّة أو خَلْقِيّة، وقد اعتبر أهل الحديث بزيادات للحديث فاعتبروا الأثر والخبر من الحديث ، وهو ما ورد عن الصّحابي والتابعي، وقد انفرد أهل الفقه والسنّه بأخذ ما يكون على طريق الإقتداء والتشريع من النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وبهذا يخرج من طريق فهمهم وتطبيقهم لما ورد عنه صلّى الله عليه وسلّم الصفة الخَلقِيّة فيما ورد في خَلْقِ النّبي علية السلام، ويدخل ضمن السنّة عند بعضهم كل أخلاق النّبي عليه السّلام، لأنّ خُلُقَ نبينا محمد كان من السنّة والحديث بوصفة نموذجاً يُقتدى به من قبل أتْباعة عليه الصلّاة والسّلام إلى يوم القيامة.

مفهوم الصفة الخُلُقِيّة

يعرّف أهل العلم الصفة الخلقيّة بوصفها جزء من الحديث النّبويّ بأنّها: ما ورد عن النّبي صلّى الله عليه وسلّم من صفات وأخلاق اكتملت بشخصيّته صلّى الله عليه وسلّم، وقد كان صلّى الله عليه وسلّم يؤكّد على الجانب الأخلاقيّ في شخصيته؛ ليكون قدوةً لأتباعة من المسلمين والمؤمنين، ويؤكّد على أنّ المؤمن يكتمل إيمانه بأخلاقة، وتتزين دعوته للحق بأخلاق الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، وكان صلّى الله عليه وسلّم بوصفة نبياً معصوماً عن الخطأ والرذيلة، لأنّه محطّ أنظار من يدعوهم إلى الإسلام، وقد كانت أخلاقه عليه السلام بما جاء في القرآن الكريم وبما كانت عند النّبي صلّى الله عليه وسلم قبل البعثة، واكتملت بنزول الوحي والنّبوّة، فقال صلّى الله عليه وسلّم في الحديث الصحيح: (إنّما بُعثتُ لأتمّم مكارم الأخلاق).

الحديث النّبوي وأخلاق النُّبوّة

لقد ذكرت كتب الحديث بما تناقلته الأمّة الأسلامية عن أسلافها كثيراً من الأحاديث التّي تدل على أخلاق النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بما نقلوه الصّحابة عليهم رضوان الله تعالى بكونهم أقرب الناس منه صحبة وتعايشاً، وبينهم أنزل القرآن والوحي ومن الصفات الخُلٌقِيّة في الحديث النّبويّ نذكر منها كما يلي :

1ـ حُسن الخُلُق وتمامه، وفي هذه الصفة نّذكر حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ((خدمت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عشر سنين والله ماقال لي أفا قط، ولا قال لي لشيء لمَ فعلت كذا وكذا).

2ـ العفو، وعدم الغضب فكان لا يغضب إلا إذا انتهكت حرمات الله تعالى، ففي حديث أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها قالت: ( وما انتقم رسول الله لنفسه إلّا أن تنتهك حرمات الله)، فكان لا يغضب ويوصي أصحابة بعدم الغضب والتسامح والعفو.

3ـ كان صلّى الله عليه وسلّم لا يعرض عليه من مباحات الدنيا أمرين إلا اختار السهل منهما، ففي حديث عائشة الصديق أنّها قالت: (ما خُيّر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بين أمرين أحدهما أيسر من الآخر إلّا اختار أيسرهما مالم يكن إثماً فإن كان إثماً كان أبعد الناس عنه).

3 ـ السخاء والجود عنده عليه السلام، كان عليه السّلام جواداً، كريماً، سخياً، إذا أعطى فلا يخشى الفقر والحاجة في بيته، ففي حديث ابن عباس رضي الله عنه أنّه قال: (كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أجود النّاس بالخير، وكان أجود ما يكون في شهر رمضان،).

4ـ التواضع عنده صلّى الله عليه وسلّم، فكان حبيبنا المصطفى متواضعاً في كل شي يحترم الصغير والكبير ففي حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أنّه قال: (أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مر على غلمان فسلّم عليهم). وكثير من مواقف تظهر فيها تواضع النّبي صلى الله عليه وسلم في تعامله مع أصحابة، ومع الكبير وصاحب الحاجة وتواضعه لله تعالى.

5ـ الصفح والعفو عند نبينا محمد من الصفات الخُلُقيّة، فهاهو يعفو عن أهل مكة بعد مالقي منهم أشدّ أنواع التعذيب والاستهزاء به عليه الصّلاة والسلام ، فقال لهم في الحديث الحسن: (إذهبوا فأنتم الطُّلقاء)، وفي قصّته مع المرأة اليهودية الّتي أرادت أن تسمّ النّبي صلّى الله عليه وسلّم من طريق أنس بن مالك عندما جلبها وسألها عن سبب فعلها فأخبرته أنّها كانت تريد قتله فقال عليه السّلام (ما كان الله ليسلّطك على ذلك) أوقال (على كل مسلم ) قالوا: أفلا نقتلها؟ قال (لا).

الصّفة الخُلُقِيّة والتّربية

لقد كان لأتباع محمّد صلّى الله عليه وسلّم دروس في التربية، وذلك فيما أخذوه عن النّبي صلّى الله عليه وسلم من الصفات الخلقية التي جاءت من نموذج بشري مكتمل في صفاته، فكان من الصّحابة من يتتبع النّبي صلّى الله عليه وسلّم ويقلّده في صفاته، وكان من التابعين وتابعيهم من يسأل كثيراً عن صفاته ويتأسوا بها، وتبقى صفات محمّد صلّى الله عليه وسلّم هي الأسمى وهي الأروع بين الخلق، ليضلّ إلى قيام الساعة النموذج والقدوة التّي يبحث عنها المسلم في حياته،عفواً، كريماً، متواضعاً، حديثه طمأنينة وسنّته سكينة، يربي ويعلّم بسنته وماورد من حديث عنه صلّى الله عليه وسلم بعيداً عن الخطأ فهو النّبي المعصوم، فعليه أفضل الصلاة والتسليم.


شارك المقالة: