على الرغم من اتّفاق مدرستي الهندسة المالية التقليدية والهندسة المالية الإسلامية، في الهدف الأساسي وهو إيجاد الحلول المبتكرة ضمن أطر تنظيمة، إلّا أنّ الابتكار لا يؤدّي إلى مخالفة أي من الأحكام الشرعية وتجاوزها، مادام ضمن أُطر شرعية، ويمكن التعرّف على السبب في ذلك من خلال الرجوع للفروق الرئيسية بين المدرستين.
الفرق بين الهندسة المالية الإسلامية والهندسة المالية التقليدية:
- ضرورة الانضباط بالنظم الإسلامية: ترتبط النظم المالية الإسلامية بحوافز انضباط أكبر من تلك التي ترتبط بها النظم التقليدية، فالتديّن من الحوافز العميقة عند المسلمين، وهذا من شأنه أن يواجه أي محاولة تُخالف الأحكام الشرعية أوتحاول الالتفاف عليها. وبالمقابل نجد أنّ الهندسة المالية التقليدية لا تملك أي حوافز للانضباط، أو الالتزام بأحكام وقيود قانونية، وتحدث الكثير من محاولات الالتفاف، حال إيجاد أي فرصة لتحقيق الربح الأكبر.
- انضباط الأحكام الشرعية: تتميّز الأحكام الشرعية الإسلامية عن أحكام الأنظمة الوضعية، بأنها هي الأكثر تناسقاً وانضباطاً وإحكاماً، ومن خلال ذلك يتبيّن لنا ضرورة المحافظة على الأحكام الشرعية الإسلامية، كونها أيسر وأفضل من من التعامل بالمحافظة على الأحكام التابعة للأنظمة التقليدية. ومن الأسباب التي تجعل المتعاملين، يبتعدون عن الأحكام الوضعية ويعزفون عن التعامل بها، كونها تتطرّق للتناقص والخلل، واستغلال الفرص التي تُحقق مصالح فردية.
- تحقيق مصلحة جميع المتعاملين: تهدف الأحكام الشرعية الإسلامية إلى تحقيق المصالح الكلية للمتعاملين، من خلال الالتزام والانضباط الذي يقود إلى تحقيق الأمور التي تُرضي جميع المتعاملين وتجعلهم أكثر قناعة. ولا تُفرّق الأنظمة التقليدية الموضوعة، بين المصالح الفردية، والمصالح الكلية، وتُسيطر فيها جماعات السلطة وتضغط على جماعات المصالح العامة، وهذا من أكبر أسباب التنافر والاختلاف بين المتعاملين، والابتعاد عن مثل هذه الأنظمة غير العادلة.
وعلى ما سبق نستنتج أنّ النظام المالي الإسلامي يتّبع أسلوب الهندسة المالية الإسلامية، ويعتمد عليها في تحقيق الأهداف الاقتصادية، التي يسعى إليها كنظام مالي يحمل اسم الإسلام، من خلال الحرص على تحقيق المنفعة للجميع، والتركيز على تلبية الاحتياجات العامة ثم الخاصة، للأسواق والأفراد والمجتمعات، وإيجاد الحلول المناسبة للمشكلات الاقتصادية التي تواجه المعاملات المالية والمصرفية الإسلامية، وبالتزام أحكام الشريعة الإسلامية وعدم مخالفتها، والعمل ضمن خطط منظّمة وهادفة.