الكرم من صفات الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم

اقرأ في هذا المقال


ما لا تعرفه عن كرم الرسول -عليه الصلاة والسلام:

بكلمتين وهما ” أجود الناس ” بهما عبّر ابن عبّاس رضي الله عنه عن شخصيّة سيدنا الكريم النبي محمد – صلى الله عليه وسلم – ، حتى تكون هذه الكلمات شاهدةً على مدى جود وكرم سيدنا النبي الكريم محمد – عليه الصلاة والسلام، ولا نعجب أبداً من ذلك، فقد كانت هذه الصفة والخصلة خُلقاً وصفةً أصيلةً في شخصية سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام.

كما توضح لنا أم المؤمنين السيدة خديجة رضي الله عنها –صلى الله عليه وسلم – هذه الصفة قبل بعثة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم بقولها الشهير: ” إنك لتصل الرحم، وتحمل الكلّ، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف “، وكل تلك الصفات تحمل في طيّاتها جميع معاني صفات الكرم والجود.

ومن جوانب العظمة في صفة كرم عند النبي – صلى الله عليه وسلم -، فعن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال: ” كان النبي – صلى الله عليه وسلم – أجود الناس، وأجود ما يكون في رمضان” فرسول الله – صلى الله عليه وسلم –  كان أجود بالخير من الريح المرسلة. متفق عليه.

مواقف الجود والكرم:

ولقد نال سيد الخلق النبي محمد – صلى الله عليه وسلم أفضل وأشرف المنازل في صفوف أهل الكرم والجود؛ فلم يردّ سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أي سائل أو أي شخص محتاج، حيث كان يُعطي سيدنا محمد بكل كرم وجود وسخاءٍ وقلّ أن يُوجد مثل النبي محمد، حيث قد عبّر أحد الأعراب عن هذا حينما ذهب ذلك الأعرابي إلى النبي الكريم محمد – صلى الله عليه وسلم – فشاهد قطيعاً من الأغنام وقد مُلئت تلك الأغنام الوادي الذي كانت عليه، فطمع ذلك الأعرابي في كرم النبي الكريم محمد – صلى الله عليه وسلم – فسأل الأعربي النبي أن يعطيه كلّ ذلك القطيع الذي في الوادي، فأعطاه النبي ذلك القطيع، فعاد ذلك الرجل الأعربي مستبشراً فرحاً إلى قومه، وقال : ” يا قوم ! أسلموا؛ فوالله إن محمدا ليعطي عطاء من لا يخاف الفقر ” رواه مسلم.

وقد كان لتلك المواقف أثرٌ كبير وبالغٌ في نفوس الأعراب، حيث كانوا يأتون إلى النبي الكريم محمد – صلى الله عليه وسلم – وقد كانوا بذلك يقصدون أن يعودوا بالشاة والبعير، وأن يعودوا بالدينار والدرهم، فسرعان ما تنشرح قلوبهم صدورهم لقبول الدخول في دين الله الإسلام والتمسّك بهذا الدين الحنيف، ولذلك يقول أنس رضي الله عنه بسبب ذلك الموقف السابق: ” إن كان الرجل ليسلم ما يريد إلا الدنيا ، فما يسلم حتى يكون الإسلام أحب إليه من الدنيا وما عليها “.

وكان سيدنا النبي الكريم محمد – صلى الله عليه وسلم – كثيراً ما يقوم بمنح العطايا حتى يتألّف بها قلوب المسلمين الداخلين في دين الله الإسلام حديثاً، حيث أنه في غزوة حنين أعطى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كلاًّ من عيينة بن حصن وأيضاً الأقرع بن حابس ومعهم العباس بن مرداس وأيضاً أبي سفيان بن حرب وأيضاً صفوان بن أمية رضي الله عنهم الكثير من الإبل، وعند رجوع سيدنا محمد – عليه الصلاة والسلام – من غزوة حنين تبع النبي بعض من الأعراب يسألونه، فقال لهم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: “أتخشون عليّ البخل ؟ فوالله لو كان لكم بعدد شجر تهامة نَعَماً – أي : أنعام – لقسمته بينكم ، ثم لا تجدوني بخيلاً ولا جباناً ولا كذوباً “رواه أحمد .

مواقف واضحة:

ومن المواقف الواضحة والدالة على جود وكرم سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم – هو حديث الصحابي الجليل أنس بن مالك رضي الله عنه: ” أتي النبي – صلى الله عليه وسلم – بمال من البحرين ، فقال : ( انثروه في المسجد )، وكان أكثر مال أتي به رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ، فخرج رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إلى الصلاة ولم يلتفت إليه، فلما قضى الصلاة جاء فجلس إليه، فما كان يرى أحدا إلا أعطاه، وما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وثمّ منها درهم ” رواه البخاري .

وعن الصحابي الجليل أنس بن مالك رضي الله عنه:” كنت أمشي مع النبي – صلى الله عليه وسلم – وعليه بُرد –أي: رداء – نجراني غليظ الحاشية ، فأدركه أعرابي فجذبه جذبه شديدة حتى نظرت إلى صفحة عاتق النبي – صلى الله عليه وسلم – قد أثّرت به حاشية الرداء من شدة جذبته، ثم قال له: مُر لي من مال الله الذي عندك ، فالتفت إليه فضحك ، ثم أمر له بعطاء ” متفق عليه.

الشعور بمن حوله:

وعندما يشعر سيد الخلق نبينا محمد – صلى الله عليه وسلم – بأن أحدٍ من أصحابه الكرام محتاج ويعرف ذلك الأمر في وجهه، يقوم بإيصال العطاء إلى ذلك الصحابي بطريقة وإسلوب لا تجرح ولا تحرج مشاعر الصحابي، كما فعل ذلك مع الصحابي الجليل جابر بن عبدالله رضي الله عنه عندما كانا عائدين من سفر، حيث قد علم النبي الكريم محمد – صلى الله عليه وسلم – بزواج جابر بن عبد الله رضي الله عنه، فقد عرض عليه أن يشتري البعير منه بثمن أربعة دنانير، وعندما قدم المدينة المنورة أمر سيدنا النبي الكريم محمد – صلى الله عليه وسلم – أحد الصحابة أن يعيد الدنانير إلى جابر بن عبد الله وأن يزيده، وأن يقوم بردّ البعير إليه، متفق عليه.

وذات مرةً رأى سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم – في وجه الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه الجوع، فتبسّم صلى الله عليه وسلم ومن ثم دعاه النبي إلى إناء كان يوجد في ذلك الإناء لبن، ومن ثم أمره أن يشرب منه، فشرب أبو هريرة رضي الله عنه حتى ارتوى، وظلّ النبي الكريم محمد – صلى الله عليه وسلم – يعيد للصحابي الجليل أبي هريرة الإناء حتى قال سيدنا أبو هريرة رضي الله عنه: ” والذي بعثك بالحق ما أجد له مسلكا ” رواه البخاري.

وقد ظهر كرم وجود النبي الكريم محمد – صلى الله عليه وسلم – على كلّ من كان حوله من الناس، حتى أن كرم النبي قد شمل الأعداء، فعندما مات رأس المنافقين الذي يدعى عبدالله بن أبيّ بن سلول، جاء ولده إلى النبي الكريم محمد – صلى الله عليه وسلم – فقال: ” يا رسول الله أعطني قميصك أكفّنه فيه، وصلّ عليه واستغفر له ” ، فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم قميصه ، رواه البخاري. 

فبمثل ذلك الخلق الأصيل والنبيل كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يربّي ويحث أصحابه الكرام رضوان الله عليهم، فقد قال صلى الله عليه وسلم لأحد أصحابه يوماً: “أنفق ولا تخف من ذي العرش إقلالا “رواه أبو يعلى في مسنده.

وهكذا كان جود وكرم سيد الخلق محمد – صلى الله عليه وسلم – وذلك دليل على شرفه على مكانته العالية وعلى أصالة معدنه وعلى عظيم شخصيته وعلى طهارة نفسه صلى الله عليه وسلم، وقال الشاعر إذ يقول:  

           “هو البحر من أي النواحي أتيته    فلجته المعروف والجود ساحله
تـراه إذا ما جئتـه متهـللاً    كأنك تعطيه الذي أنت سائله”


شارك المقالة: