انهيار الوثنية في جزيرة العرب

اقرأ في هذا المقال


انهيار الوثنية في جزيرة العرب:

لقد كان الوثنيون العرب في الجزيرة العربية كلها يعلقون الآمال لمقاومة تيار المسلمين والإسلام القوي لحماية الوثنية من خطر التوحيد في الدرجة الأولى، على قریش الذين هم سدنة الكعبة وحراس المشاعر.

وعندما وقعت عاصمتها مكة المكرمة في أيدي جيش الإسلام والمسلمين، لم يعد هناك من قوة حربية فعالة تتجه إليها أنظار المتبقين على الوثنية في الجزيرة، لمواجهة التوحيد والتغلب على قوات المسلحة، سوى قبائل جيش هوازن كثيرة العدد والعدة، وذات القدرة القتالية الممتازة.

ولكن ها هي قوات هوازن وجيشها الكبير تسقط آخر الأمر، وينتهي وجودها العسكري كاملاً كقوة معادية لجيش المسلمين والإسلام، بل تتحول جميع عشائرها أنصاراً لهذا الدين الحنيف القيم.

فماذا عسى أن تفعل الجيوب الشركية الضعيفة المبعثرة هنا وهناك في جزيرة العرب؟ وهي التي أصبحت تحتاج حكم المسلمين، فقد انهار آخر معقل للوثنية في الجزيرة بانهيار جيوش هوازن يوم واقعة غزوة حنين الكبرى، وهذا صح يقيناً، إذ إن الوثنية قد انهارت في الجزيرة العربية إلى الأبد، وذلك بعد معركة حنين الكبرى.

بدليل أنه بعد هذه المعركة العظيمة، أخذت وفود العرب تتوارد إلى مدينة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم الشريف، لإعلان الدخول في دين الحق الإسلام.

والجيوب التي أبدت بعض العناد، كالتي في أقصى الشمال، كقبيلة طيء، أو في أقصى الجنوب كبني الحارث ناحية نجران، بعث عليها النبي صلى الله عليه وسلم الشريف حملات عسكرية صغيرة قضت على مقاومتها، ولم تأت السنة العاشرة من الهجرة إلا وأصبحت الجزيرة العربية من أقصاها إلى أقصاها داخلة في الإسلام ليس بها وثني واحد، إلا جاليات يهودية ونصرانية صغيرة بقيت على دينها في ظل حكم سلطان دين الإسلام، لأنها من أهل الكتاب الذين يكتفي منهم بأخذ الجزية كإقرار بالخضوع لسلطان الإسلام وللمسلمين.

وهكذا كانت معركة حنين الكبرى آخر معركة حربية عنيفة يخوضها جيش الإسلام والمسلمين بقيادة رسولهم الأعظم، مع الإشارة إلى غزوة تبوك وإن لم يخض النبي صلى الله عليه وسلم فيها قتالاً مع الرومان، إلا أنه كان لنجاحها أثر معنوي عظيم في تثبيت دعائم الإسلام، وهيبة المسلمين في نظر البيزنطيين، وحكام الشام والعرب المتنصرة لهم هناك.

وهكذا بعد الانتصار العسكري الحاسم الفاصل في يوم واقعة حنين الكبرى ومجيء الناس ليدخلوا، باختيارهم في الإسلام أنزل الله تعالى، كإشارة إلى انتهاء الصراع المسلح في جزيرة العرب التي كانت فيه انتصارات المسلمين الحربية تمهيداً لهذه الفتوحات المعنوية الموضحة في تسابق القبائل إلى مدينة النبي صلى الله عليه وسلم المدينة المنورة، للدخول في دين الحق الإسلام، حيث أنزل الله تعالى قوله: “إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3)”….سورة النصر.

المصدر: • صحيح السيرة النبوية : محمد بن ناصر الدين الألباني ( ت 1420 هـ ).• الرحيق المختوم : صفي الرحمن المباركفوري (ت 1427 هـ ).• فقه السيرة : محمد الغزالي (ت 1416 هـ )• فقه السيرة النبوية : للدكتور محمد سعيد رمضان البوطي .


شارك المقالة: