اهتمام سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم بالمرأة

اقرأ في هذا المقال


اهتمام سيدنا محمد بالمرأة:

إن المرأة في حياة وهدي النبي الكريم محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ لها مكانة كبيرة وعظيمة، فالمرأة هي عِرْضٌ يصان، وهي مخلوق له قدرها وكرامتها ومكانتها، وقد أحاطها النبي الكريم محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ بسياج كبير من الرعاية ومن العناية، وقد خصَّها النبي الكريم محمد بالتكريم وبحُسْن المعاملة.
وقد روت لنا السيرة النبوية الشريفة العطرة كيف كان النبي الكريم محمد صلوات الله وسلامه عليه يُكرم المرأة ويحسن المعاملة معها، وكان هذا جليًا في تعامله مع أهل بيته الكرام من أمهات المؤمنين رضوان الله عليهم، ومن ذلك خدمته صلى الله عليه وآله وسلم لأهل بيته رضوان الله عليهم جميعاً.

وصايا النبي محمد صلى الله عليه وسلم في الأم:

ومن الأحاديث التي تحدثت عن ذلك الأمر هو ما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: “جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك)” رواه البخاري.
وعن المقدام بن معد يكرب ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: “إن الله يوصيكم بأمهاتكم، ثم يوصيكم بأمهاتكم، ثم يوصيكم بأمهاتكم، ثم يوصيكم بالأقرب فالأقرب” رواه أحمد .
ومن وصايا النبي في الأم هو ما روي عن معاوية بن جاهمة السلمي: “أن جاهمة أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! أردت الغزو وجئتك أستشيرك، فقال: هل لك من أم؟، قال: نعم، قال: الزمها فإن الجنة عند رجليها” رواه أحمد.
إن الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم أوصى بالأم وإن كانت غير مسلمة وهو ما روي عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت: “قدِمَت عليَّ أمي وهي مشركة في عهد قريش إذ عاهدهم، فاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله! قدِمَت علي أمي وهي راغبة، أفأصل أمي ؟ قال: نعم، صِلي أمك” رواه مسلم. راغبة: راغبة عَن الإسلام كارهة له، وقيل: طامعة في العطاء والإحسان.

وصايا النبي محمد صلى الله عليه وسلم في الإبنة:

كان من هدي النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم أنه كان يُسَّر ويفرح لمولد بناته، فقد سُرَّ واستبشر النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم لمولد ابنته السيدة فاطمة رضي الله عنها، وقد توسم فيها البركة واليُمن أيضاً، فسماها فاطمة، وقد لقبها بـِ (الزهراء)، وكانت تكنى أم أبيها رغم أنها رضي الله عنها كانت البنت الرابعة للنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.
وقد زوج النبي االكريم محمد صلى الله عليه وسلم جميع بناته من أفضل وخيرة الرجال، فزوَّج صلى الله عليه وسلم السيدة زينب رضي الله عنها من الصحابي أبي العاص بن الربيع القرشي رضي الله عنه، وكان رضي الله عنه من رجال مكة المعدودين مالاً وأمانة وأيضاً تجارة، كما زوج ابنته السيدة رقية رضي الله عنها من عثمان بن عفان رضي الله عنه وهو الخليفة الراشد الزاهد صاحب جود والسخاء، وكذلك زوَّج عليه الصلاة والسلام السيدة  فاطمة رضي الله عنها من الصحابي الجليل علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
وكان الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يزور بناته الكرام رضوان الله عليهن بعد الزواج وكان صلى الله عليه وسلم يدخل عليهن الفرح والسرور والمحبة، فقد زار السيدة فاطمة رضي الله عنها بعد زواجها وقد دعا لها ودعا لزوجها بأن يعيذهما الله وذريتهما من الشيطان الرجيم.
ولم يكن يشغل النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم عن بناته رضي الله عنهن أي شاغل، بل كان صلى الله عليه وسلم يهتم بهن، وكان يسأل عنهن حتى وهو في أصعب الظروف، فعندما أراد الكريم محمد صلى الله عليه وسلم الخروج لغزوة بدر لملاقاة قبيلة قريش كانت السيدة رقية رضي الله عنها مريضة، فأمر النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم زوجها الصحابي الجليل عثمان بن عفان رضي الله عنه أن يبقى معها في المدينة المنورة، حتى بمرضها وقد ضرب له بسهمه في مغانم بدر.

وصايا النبي محمد صلى الله عليه وسلم في الزوجة:

لقد جعل النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم من معايير خيرية الرجال هو حسن معاملة الزوجات، فعن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: “قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي) رواه الترمذي”.
وعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها: “أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن من أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خُلقاً وألطفهم بأهله) رواه الترمذي”.
وقد سئلت السيدة عائشة رضي الله عنها ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعمل في بيته؟ قالت: “يخصف نعله، ويعمل ما يعمل الرجل في بيته)، وفي رواية : قالت: (ما يصنع أحدكم في بيته: يخصف النعل، ويرقع الثوب، ويخيط)”.
وعن الأسود رضي الله عنه قال: “سألت عائشة رضي الله عنها:  ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في أهله؟ قالت: كان في مهنة أهله ( يساعدها في عملها)، فإذا حضرت الصلاة، قام إلى الصلاة)” رواه البخاري.
فمع كثرة أعباء النبي ومسؤولياته صلى الله عليه وسلم كان صلى الله عليه وسلم زوجاً محباً لزوجته وكان جميل العشرة، وكان صلى الله عليه وسلم دائم البشر والابتسامة يداعب أهله وكان يتلطف بهم وكان يوسعهم نفقة وكان صلى الله عليه وسلم يضاحك نساءه وكان يصبر عليهن، وكان يعينهم في أمور البيت.

وكان النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يستشير زوجاته في العديد من الأمور وهو ما روى الإمام أحمد بسنده من طريق المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم رضي الله عنهما قصة “صلح الحديبية في حديث طويل، ذكر فيه أنه لما تم الصلح بين النبي صلى الله عليه وسلم ومشركي قريش قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (يا أيها الناس انحروا واحلقوا)، قال: فما قام أحد، قال: ثم عاد بمثلها، فما قام رجل حتى عاد بمثلها، فما قام رجل، فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل على أم سلمة فقال: (يا أم سلمة ما شأن الناس؟ قالت: يا رسول الله قد دخلهم ما قد رأيت، فلا تكلمن منهم إنساناً، واعمد إلى هديك حيث كان فانحره، واحلق فلو قد فعلت ذلك فعل الناس ذلك، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكلم أحدا حتى أتى هديه فنحره ثم جلس فحلق، فقام الناس ينحرون ويحلقون) . فكان رأي أم سلمة رضي الله عنها رأياً موفقا ومشورة مباركة”.

وقال ابن حجر: “وإشارتها على النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية تدلُّ على وفور عقلها وصواب رأيها”. وفي ذلك دليل على استحسان مشاورة الزوجة الفاضلة مادامت ذات فكر صائب ورأي سديد، كما أنه لا فرق في الإسلام بين أن تأتي المشورة من رجل أو امرأة، طالما أنها مشورة صائبة، فالشورى سلوك ينظم الحياة والأسرة في كل شؤونها، قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ}(الشورى:38) “.

وفي هذا قبول للنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم لمشورة زوجته أم سلمة وهو تكريم للزوجة خاصة وللمرأة بشكل عام، والتي يزعم الكثير من أعداء دين الله الإسلام أن دين الإسلام لم يعطها حقها وأنه تجاهل وجودها.


شارك المقالة: