تحرك الجيش النبوي من مكة في معركة حنين

اقرأ في هذا المقال


تحرك الجيش النبوي من مكة في غزوة حنين:

استمر جيش هوازن في التحرك نحو مكة المكرمة إلا أن قائدها العام الذي يدعى مالك بن عوف عندما بلغه أنّ النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم  قد تحرك بجيش المسلمين من مكة المكرمة لمواجهة هوازن قرر مالك أن يعسكر بجيشه في وادي حنين، وذلك لأنّ وادي حنين أصلح مكان من حيث السعة والطول لجولان الخيل التي يعتمد مالك وقادة هوازن على آلاف منها.

وكانت الخيل من أهم الأسلحة المتحركة التي يعتمد عليها المحارب في ذلك العصر فهي تقوم مقام سلاح المدرعات في هذا العصر.

أمّا الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم فبعد أن بلغه تحرك هوازن من ديارها في اتجاه مكة المكرمة، سارع النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم  إلى حشد جيش المسلمين في مكة المكرمة وقد أسرع بالتحرك به حتى يواجه هوازن وذلك قبل أن يصل جيشها إلى مكة المكرمة، وكان ذلك من الرسول صلى الله عليه وسلم سياسة عسكرية حكيمة ألهمه الله اتباعها.

إذ إنّ ملاقاة الجيش النبوي للمشركين خارج مكة المكرمة بعيداً عنها هو أصلح من عدة نواحي للجيش النبوي الكريم من مواجهة هوازن بها أو قريباً منها. ذلك أن الحالة كانت تعتبر باطنية داخل مكة غير مستقرة.

فالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم لم يمض على سيطرة قواته على مكة أكثر من سبعة عشر يوماً. وقد كانت مكة معقل الوثنية وبها أعظم رؤوس قريش الذين لم يتركوا أي وسيلة للقضاء على الإسلام إلّا واتبعوها.

واستسلامهم للجيش النبوي وتقريرهم عدم مقاومته وهو يدخل مكة لم يكن عن اقتناع بأنّ الإسلام دين الحق يجب الإذعان والتسليم له وإنّما كان عن ضعف وعدم قدرة على مواجهة الجيش النبوي عسكرياً.

ولو كانت قريش تعرف وتشعر في نفسها أن لها القدرة على مواجهة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام رضوان الله عليهم والتغلب عليهم ودحرهم، لما ترددت في ذلك وغير اتباع خطة المقاومة ولواجهت النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم مواجهة عسكرية.

حيث يدل على ذلك أنّها عندما فوضت رئيسها أبا سفيان حتى يأخذ لها الأمان من النبي الكريم محمد صلى  الله عليه وسلم وجيشها لما يزل في الطريق لم يدخل مكة بعد، حيث قالت لأبي سفيان بما معناه: “خذ لنا منه الأمان واقبل بأن يدخل مكة إلا أن ترى في أصحابه ضعفا فنابذه ، أي أعلن عليه الحرب”.

فالكثير من أهل مكة المكرمة بعد أن سيطر الجيش النبوي على مكة أعلنوا دخولهم في دين الله الإسلام ولما يدخل الإيمان في قلوبهم وتلك هي حقيقة عبر عنها أحد سادتهم الذي كان حاضراً في معركة حنين. حيث قال حينها انهزم المسلمون في المرحلة الأولى من المعركة: “بطل السحر إنّها هزيمة لن تنتهي حتى البحر”.

فالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم لو أنّه تحصن في مكة واعتمد خطة قتال الشوارع في مواجهته هوازن لأصبح هو وجيشه في وضع غير مأمون، لأن الكثير من قبيلة قريش قد تعود إليهم جاهليتهم فيغتنموا فرصة هجوم هوازن على مكة، فيشكلوا قوة قرشية تضرب المسلمين داخل مكة، إنّه احتمال ليس بعيد، وكل قائد يكون على ما كان عليه النبي الكريم صلى الله عليه وسلم لابد وأن يدخل في حسابه وهو يرسم خطة المعركة الفاصلة هذا الاحتمال.

من هنا كانت خطة رسول الله المرسومة على أساس الخروج من مكة واصطحابه ألفين من أهلها معه في الجيش النبوي خطة حكيمة جعلت ظهره مأمونًا من أي ضربة من المرتابون الذين أعلنوا الإسلام ولمّا يدخل الإيمان في قلوبهم.

مثل الزعيم الذي اغتبط بهزيمة المسلمين في المرحلة الأولى في حنين وقال كلمته تلك ( بطل السحر إنّها هزيمة لن تنتهي حتى البحر ) ، بل إنّ هناك من أهل مكة من بقي على شركه فلم يجبره النبي صلى الله عليه وسلم  على الدخول في الإسلام بل ترك له الحرية مثل صفوان بن أمية وغيره ، وهذا يؤكد الاحتمال القائل: إنّ أهل مكة ربما ينضمون إلى هوازن عندما تنشب المعركة في مكة بين هوازن وبين جيش النبي صلى الله عليه وسلم .

ولهذا كان ( من وجهة النظر العسكرية ) عين الحكمة والحنكة السياسية أن يخرج النبي صلى الله عليه وسلم بالجيش النبوي من مكة، وقرار مصادمة جيوش هوازن في العراء بعيداً عن مكة، التي لم يترك فيها ( عند خروجه منها لملاقاة هوازن ) سوى حامية صغيرة لحفظ الأمن والنظام بقيادة عتاب بن أسيد . وكانت الحامية التي ترکها كافية لحفظ النظام والضرب على يد أيِّ مريب تحدثه نفسه بالتمرد أو الإخلال بالأمن، لاسيما وأنّ الله ملأ قلوب القرشيين عامة هيبة ورعباً بعد أن سيطر الجيش النبوي على العاصمة المقدسة مكة المكرمة .


شارك المقالة: