بعث الله سبحانه وتعالى سيدنا محمداً صلّى الله عليه وسلم رحمة للعالمين ، وأرسلهُ ليرشد الناس إلى طريق الهدى والرّشاد وإلى تصحيح أمور حياتهم فكان عليه السلام هو خير من أُرسلَ لإتمام هذه الرسالة ونشر دين الإسلام إلى البشرية جمعاء، وحتى يخرجهم من ظلمات جهلهم إلى نور طريق الرشاد والخير.
فكان من علامات نبوةِ سيدنا محمد هو تكريم الله للنبي حتى قبل بعثتةِ، فكانت بركةُ النبي التي منحها الله له وكرمها لنبيهِ موجودةً ، فظهرت بركة النبي منذ ولادتهِ، فظهر نوره بشهادةِ آمنة بنت وهب أم النبي ، وبركات النبي التي حلّت على آل حليمة الذي كان مسترضعاً فيهم ، فتحولت حالهم من الأراضي التي كانت جدباء قاحلة وتحولت إلى أرض زراعية يعمّها الزرع والثمر مباركاً فيها ، وأصبحت المواشي في زيادة وإنتاج وافر من الحليب ، وما دلَّ على نبوته أيضاً حادثة شق الصدر وإخراج حظِّ الشيطان منه .
بشَّرت الكتب السماوية السَّابقة بقدوم النبي ، وبشَّر الأنبياء السابقين ببعثة خير الخلق وإتمام الرِّسالة به عليه السلام ، إذ قال الله تعالى في نصِّ القران : ( وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ۖ فَلَمَّا جَاءَهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ )…سورة الصف.
وقال عزَّ وجلَّ في محكم الكتاب : ( الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) …الأعراف .
تبشير التوراة بنبوة سيدنا محمد
التوراة هو الكتاب الذي أُنزل على سيدنا موسى عليه السلام وكان يحتوي على ما يحتوي من الشرائع التي كانت تناسب أهل ذلك الوقت ، وذكرَ فيها عدداً من الأنبياء والرُّسل الذين سيرسلهم الله ، فتكلمت التوراة عن تبشير وقدوم سيد العالمين، فأخبرت التوراة سيدنا موسى بتلك البشرى فقالت : ( أُقِيمُ لَهُمْ نَبِيًّا مِنْ وَسَطِ إِخْوَتِهِمْ مِثْلَكَ، وَأَجْعَلُ كَلاَمِي فِي فَمِهِ، فَيُكَلِّمُهُمْ بِكُلِّ مَا أُوصِيهِ بِهِ ) .
ويدلُّ هذا الكلام أنَّ سيدنا موسى عليه السلام وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلَّم كان كليهما من أصحاب الشريعة الجديدة، ذات الرِّسالةِ المُستقلة، ورد ذلك الكلام في القرآن الكريم في سورة الأحقاف في قوله تعالى: ﴿ قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ من بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾.
ذكر اليهود أنَّ هذه البشارة أُرسلت ليوشع بن نون وهو خليفة سيدنا موسى، مع أنَّ اليهود كانوا ينتظرون في مدّة سيدنا المسيح نبياً آخر غير السيد المسيح عليه السلام .