جرح قائد الفرسان خالد بن الوليد في غزوة حنين

اقرأ في هذا المقال


جرح قائد الفرسان خالد بن الوليد في غزوة حنين:

عند عودة جيش المسلمين عن الهزيمة كذلك تعرض كثير من المسلمين من الجند للقتل والإصابة بجروح خطيرة وتلك هي سنة الحرب.

ومن الذين قد جرحوا جراحاً خطيرة في معركة حنين قائد الفرسان الصحابي الجليل خالد بن الوليد رضي الله عنه، الذي نزف كثيراً، حتى أنّه قد أسند إلى رحله من الضعف لشدّة النزيف،

فقد ذكر بعض شهود العيان من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم، أنّ نبي الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وبعدما هزم جيش الكفار ورجع جيش المسلمين إلى رحالهم، كان يمشي في المسلمين ويقول: “من يدلني على رحل خالد بن الوليد، حتى دلّ عليه، فوجده قد أسند إلى مؤخرة رحله، لأنّه قد أثقل بالجراح، فتفل الرسول صلى الله عليه وسلم في جرحه فبرئ”.

وهكذا وبعد جلاد عنيف وقتال شرس وقوي وصبر على القتال من الفريقين، نزلت الهزيمة عندها بجيش هوازن بعد أن كان النصر في جانبهم، وكادت طلائع جيشهم تصل إلى مكة المكرمة فاتحةً لها.

وقد حقق جيش الإسلام والمسلمين بعد تلك الهزيمة المروعة لجيش هوزان نصرة من الناحية العسكرية، لم يحقق المسلمون مثله طيلة العهد النبوي الشريف.

فقد انهزم أمام جيش المسلمين عشرون ألف مقاتل من قوات جيش هوازن، بينما لا يزيد عدد قوات جيش المسلمين على اثني عشر ألف جندي، ألفان منهم من أهل مكة المكرمة الذين لم يمض على دخولهم في دين الله الإسلام أكثر من عشرة أيام.

وفقد مشركو جيش قبيلة هوازن في واقعة غزوة حنين التي خسروها مئات القتلى، ما وقع منهم في أسر المسلمين حوالي ستّة آلاف مقاتل، كذلك غنم المسلمون من هوازن غنيمة لم يغنموا مثلها في  في أيّة معركة خاضوها في العهد النبوي.

فقد غنم الجيش الإسلامي يوم واقعة غزوة حنين أربعة وعشرين ألفاً من (البعير والإبل بعد الخيل) من أعز ما يمتلك العربي في ذلك العصر، كما غنم جيش الإسلام و المسلمين عدد أربعين ألف شاة، وقد غنموا أيضاً عشرات الآلاف من أوقيات الفضة.

أمّا الذين قد كتبت لهم النجاة من قوات وجنود جيش هوازن فقد عمهم الخوف والرعب، وقد لاذوا وقائدهم الملك مالك بن عوف النصري بالهرب، فقد ابتلعتهم الشعاب والوديان أيضاً، مشتتين فارين وهاربين يطلب كل منهم لنفسه، وقد تركوا نساءهم وأطفالهم وأموالهم غنيمة للإسلام ولجيش المسلمين.

إنّها كارثة مروعة نزلت بهوازن و جيشها لم ينزل مثلها بحي من العرب في الجزيرة العربية، كارثة قد حذر من حدوثها المحارب المجرب الشهير درپد بن الصمة الهوازني، وقد ناشد الشاب والقائد الشاب وملك هوازن مالك بن عوف أن لا يوقعها بأهله وعشيرته، حين نصحه بوادي أوطاس قبل المعركة، أن يأمر بإعادة النساء والأطفال والمواشي إلى علياء بلاد قبيلة هوازن، ويلقى المسلمين على متون الخيل، فوقعت الهزيمة الماحقة والكارثة المدمرة التي حذر درید مالكاً من وقوعها، ومن تصاريف القدر أنّ دريداً بن الصمة لقي حتفه فقتل يوم واقعة حنين مشركاً، وهو ابن مائة وستين سنة، وبقي القائد الملك مالك وأسلم وحسن إسلامه وصار من سيوف الله على المشركين وجيوشهم من قبيلة ثقيف وغيرهم من المجاورين للبلاد وقد تحدث شهود العيان عن انتصار المشركين وجيشهم أول الأمر ثم عن هزيمتهم ثانية، وعن الرّعب والخوف الذي نزل بهم عقب تراجع المسلمين عن الهزيمة وعودتهم إلى ساحة القتال والمعركة.

فعن عمرو بن زهير، عن عمر بن عبد الله العبسي عمّن أخبره، عن ربيعة، قال: “حدثني رجل من قومنا حضروا يومئذ قالوا: كما لهم ( أي المسلمين ) في المضايق والشعاب، ثم حملنا عليهم حملة ركبنا أكتافهم حتى أتينا إلى صاحب بغلة شهباء (هو نبي الله صلى الله عليه وسلم الكريم الشريف)، وحوله رجال بيض حسان الوجوه فقال: شاهت الوجوه، ارجعوا، فانهزمنا، وركب المسلمون أكتافنا وكانت إياها ( أي الهزيمة )، وجعلنا نلتفت وراءنا ننظر إليهم يكدونا، فتفرقت جماعتنا في كل طرف، وجعلت الرعدة تسحقنا حتى لحقنا بلياء بلادنا، فإن كان ليحکى عنّا الكلام ما كنّا ندري به، ممّا كان بنا من الرعب والخوف، فقذف الله سبحانه وتعالى الإسلام في قلوبنا .


شارك المقالة: