حديث عن وجوب النية

اقرأ في هذا المقال


تعتبرُ النِّيَّةِ والإخْلاصُ فيها منْ شروطِ قبولِ العملِ عندَ اللهِ عزَّ وَجلَّ، وقد جاءَ في القُرْآنِ الكَريمِ الكَثيرُ منَ الأدَلَّةِ على اشْتراطِ العَمَلِ بالنِّيَّةِ وتكونُ بالإخْلاصِ للهِ دونَ رِياءٍ أوْ نِفاقٍ ومنْها قوْلُهُ تَعالَى: (وما أُمِروا إلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصينَ لَهُ الدِّينَ حٌنَفاءَ). وقدْ جاءَ في الحديثِ الكَثيرُ منَ الشَّواهِدِ والأدِلَّةِ على ذلِكَ، وسنأخُذُ منْا حديثاً واحِداً.

الحديث:

حدَّثَنا الحُمَيْدِيُّ عبدُ اللهِ بنُ الزُّبَيْرِ، قالَ: حدَّثَنا سُفْيانُ، قالَ: حدَّثَنا يَحْيَى بنُ سَعيدٍ الأنْصارِيُّ، قالَ: أخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بنُ إبْراهيمَ التَّيْمِيُّ، أنَّهُ سَمِعَ عَلْقَمَةَ بنَ وقَّاصٍ اللَّيْثِيَّ، يَقولُ: سَمِعْتُ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنْهُ علَى المِنْبَرِ قالَ: سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ يَقولُ: (إنَّما الأعْمالُ بالنِّيَّاتِ، وإنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى، فَمَنْ كانتْ هِجْرَتُهُ إلَى دُنْيا يُصِيبُها أو إلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُها فَهِجْرَتُهُ إلَى ما هاجَرَ إلَيْهِ).

سند الحديث:

هذا الحديثُ يرْوِيهِ الإمامُ مُحَمَّدُ بنُ إسْماعيلَ البُخارِيُّ في صَحِيحِه منْ طريقِ الحُمَيْدِيُّ عبدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ وهوَ منْ تَبَعِ أتْباعِ التَّابعينَ نقلاً عنْ سُفْيان بنِ عُيَيْنَةَ منَ أتْباعِ التَّابعينَ، ونَقَلَهُ سُفْيانُ عنْ يَحْيَى بنِ سعيدٍ الأنْصارِيِّ منَ التَّابعينَ إلى أنْ يَصِلَ سَنَدُ الحديثِ إلى علْقَمَةَ بنِ وقَّاصٍ اللَّيْثِيِّ الّّذِي يرْوِيهِ عنْ الصَّحابِيُّ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ منَ المُكْثِرينَ للحديثِ عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيْهِ وسَلَّمَ.

شرح الحديث:

إنَّ هَذا الحديثَ كانَ لَهُ منَ الأهَمِيَّةِ عنْدَ كثيرٍ منْ أهلِ العِلْمِ فَوَصَفوهُ بأنَّهُ نِصْفُ دينِنا ، ويَحْمِلُ كثيراُ منَ الأمورِ التِي وَجَبَ علَى الإنْسانِ المُسْلِمِ أنْ يَتَفَقَّهَ بِها ومنْها: أنْ الأعْمالَ لا تُعْتَبَرُ ولا تُقْبَلُ إلَّا بالنِّيَّةِ وقدْ تَوَسَعُ الفُقَهاءُ في النِّيَّةِ بينَ وجوبِ النُّطْقِ بِها وبينِ عدَمِهِ بالقَلْبِ، كما يُشيرُ الحديثُ إلى تحْدِيدِ النِّيَّةِ بوقْتٍ مُحَدَّدٍ وهُوَ أوَّلُ العَمَلِ وقبلَ الشُّروعِ فيهِ، كما دَلَّ الحديثُ علَى وُجُوبِ الإنْتِقالِ منْ أرَْضِ الكُفْرِ إلى أرْضِ الإسْلامِ، وأشَارَ الحديثُ إلى قُبولِ النِّيَّةِ بَحَسَبِ نِيَّةِ منْ نَوَى، وقُبولُ عَمَلِهِ بنِيَّتِهِ، فمَن أرادَ الهِجْرَةَ لله مُخْلِصاً ذلِكَ قُبِلَ عَمَلُهُ وأثابَهُ اللهُ ومنْ هاجَرَ لمتاعِ الدُّنْيا فيُكْتَبُ عَمَلُهُ بنِيَّتِهِ تِلْكَ.

سبب ورود الحديثِ:

أوْرَدَ العُلَماءُ بأنَّ هذا الحديثَ كانَ لَهُ سَبَبُ لِوُرودِهِ وهُوَ ما أوْرَدَهُ الإمامُ الطَّبرانِيُّ عنِ ابنِ مَسْعودٍ رَضِيَ اللهُ عنْهُ: ((كانَ فيِنا رَجُلٌ خَطَبَ امْرَأًَةً يُقالُ لَها: أُمًّ قَيْسِ، فأبَتْ أنْ تَتَزَوَّجَهُ حَتَّى يُهاجِرَ، فَهاجَرَ، فَتَزَوَّجَها، فَكُنَّا نُسَمِّيهِ: مُهاجِرُ أمُّ قَيْسٍ)).

ما يرشد إليه الحديث:

منَ الدُّروسِ والعِبَرِ المُسْتَفادَةِ منَ الحديثِ السَّابِقِ:

  1. تَجِبُ النِّيَّةُ على المُسْلِمِ في عباداتِهِ وأعْمالِهِ.
  2. علَى المُسْلِمِ إخْلاصً النِّيَّةِ لله تَعالَى حتَى يُثابَ علَى عَمَلِهِ عنْدَ اللهِ تَعالَى.
  3. على المُسْلِمِ أنْ يَبتَعِدَ عنِ الرِّياءِ والنِّفاقِ.

شارك المقالة: