لقدْ خلقَ اللهُ تعالى الإنسانَ واستخلفهُ في الأرضِ ليعمرها بما يرضي وجه الله تعالى، وجعلَ أرواحَ النّاسِ وأنفسهمْ منْ ضروراتِ الإسلامِ الّتي لا يجوزُ الاعتداءُ عليها، كما جعلَ جريمةَ القتلِ من الكبائرِ الّتي توعدَّ صاحبها بالعذابِ، وقدْ بيّنَ النّبيُّ عليه الصّلاةُ والسّلامُ ذلكَ في كثيرٍ منْ شواهدِ الحديث، وسنعرضُ حديثاً في ذلكَ.
الحديثُ
أوردَ الإمامُ البخاريُّ يرحمهُ اللهُ في الصّحيحِ: ((حدّثنا قبيصةَ، حدّثنا سُفيانُ، عنِ الأعمشِ، عنْ عبدِ اللهِ بنِ مرّةَ، عنْ مسروقٍ، عنْ عبدِ اللهِ رضيَ اللهُ عنهُ، عنِ النّبيِّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ قال: “لا تُقْتلُ نفسٌ إلّا كانَ على ابنِ آدمَ الأوّلِ كفلٌ منْها”)). رقمُ الحديث:6867.
ترجمة رجال الحديث
الحديثُ النّبويُّ المكورُ يوردهُ الإمامُ محمّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في الصّحيحِ في كتابِ الدّيّاتِ، بابُ: (قولُ الله تعالى: ومنْ أحياها)، والحديث جاءَ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ عبدِ اللهِ رضيَ اللهُ عنهُ، وعبدُ اللهِ هوَ ابنُ مسعودٍ الهذليُّ، منَ الصّحابةِ المكثرينَ في رواية الحديثِ عنِ النّبيِّ عليه الصّلاةُ والسّلامُ، أمّا بقيّةُ رجالِ سندِ الحديث:
- قبيصة: وهوَ أبو عامرٍ، قبيصةُ بنُ عقبةَ السّوائيُّ (ت: 213هـ)، وهوَ من تبعِ أتباع التّابعينَ الثّقاتِ في رواية الحديث.
- سفيانُ: وهوَ أبو عبدِ اللهِ سفيانُ بنُ سعيدٍ الثّوريُّ (97ـ161هـ)، وهو منْ كبارِ أتباع التّابعينَ المحدّثينَ الثّقاتِ في الحديث.
- الأعمش: وهوَ سليمانُ بنُ مهرانَ الأعمشُ الأسديُّ (61ـ145هـ)، وهوَ منْ كبارِ التّابعينَ الثّقاتِ في رواية الحديثِ عنِ الصّحابةِ.
- عبدُ الله بنُ مرّةَ: وهوَ عبدُ اللهِ بنُ مرّةَ الهمدانيُّ (ت: 100هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ التّابعينَ في رواية الحديث.
- مسروقٌ: وهوَ أبو عائشةَ مسروقُ بنُ الأجدعِ الهمدانيُّ (ت:62هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ رواية الحديثِ منَ التّابعينَ.
دلالة الحديث
يشيرُ الحديثُ إلى معصيةٍ عدّها الإسلامُ منَ الكبائر المهلكةِ للنّفسِ البشريّةِ وهي القتلُ، وقدْ بيّنَ النّبيُّ عليه الصّلاةُ والسّلامُ أنّها منَ المعاصي الّذي يأخذُ ابنُ آدمَ الّذي قتلَ أخاهُ نصيباً منْ إثمها، وذلكَ لأنّهُ أوّلَ منْ سنَّ سنّةَ القتلِ في الأرضِ، وكما وردَ في الحديثِ: (ومنْ سنّ في الإسلامِ سنّةً سيئةً فعليهِ وزرها ووزرُ منْ عملَ بها إلى يومِ القيامةِ)، والمأخوذُ منَ الحديثِ عظمُ هذه المعصيةِ لحدِّ أنّ وزرها كبيرُ لدرجةِ أنّهُ يصلُ كفلٌ منهُ إلى ابنِ آدمَ الأوّلِ.
ما يرشد إليه الحديث
منَ الفوائدِ منَ الحديث:
- قتلٌ النّفسِ منَ الكبائرِ المهلكة.
- وزرُ منْ سنُّ العملِ السّيءٍ إلى يومِ القيامة.