لقدْ وهبَ اللهِ تعالى الإنسانَ الحياةَ، وأمرهُ أنْ يستفيدَ منْ نعمِ اللهِ تعالى في سبيلِ إرضاءِ اللهِ تعالى، وقدْ يصابُ الإنسانُ بابتلاءاتٍ كثيرةٍ في الحياةِ فيكثرُ شقاءُهُ وتعبُهُ فيتمنّى الموتَ، وقدْ علّمنا النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ في كثيرٍ منَ الشّواهدِ حكمَ ذلكَ، فما حكمُ تمنّي الموتَ؟، تعالوا نستعرضُ حديثاً في ذلكَ.
الحديث:
أوردَ الإمامُ البخاريُّ يرحمهُ اللهُ في الصّحيحِ: ((حدّثنا آدمُ، حدّثنا شعبةُ، حدّثنا ثابتُ البُنانيُّ، عنْ أنسِ بنِ مالكٍ رضيَ اللهُ عنهُ، قالَ النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ: “لا يتمنّينَ أحدكمُ الموتَ منْ ضرٍّ أصابهُ، فإنْ كانَ لابدَّ فاعلاً فليقلْ: اللّهمَّ أحْيني ما كانتِ الحياةُ خيراً لي، وتوفَّني إذا كانتِ الوفاةُ خيراً لي”)). رقمُ الحديث:5671.
ترجمة رجال الحديث:
الحديث المذكورُ يوردهُ الإمامُ محمّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في الصّحيحِ في كتابِ المرضى، بابُ: (تمنّي المريضِ للموتِ)، والحديثُ جاءَ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ أنسِ بنِ مالكٍ الأنصاريِّ رضيَ اللهُ عنهُ، وهوَ خادمُ النّبيِّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ ومنْ المكثرينَ بروايةِ الحديثِ منَ الصّحابةِ عنِ النّبيِّ عليه الصّلاةُ والسّلام، أمّا رجالُ السّندِ الآخرونَ هم:
- آدمُ: وهوَ أبو الحسنِ، آدمُ بنُ أبي إياسٍ العسقلانيُّ (132ـ220هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ روايةِ الحديثِ منْ تبع أتباعِ التّابعينَ.
- شعبةُ: وهوَ أبو بسطامٍ، شعبةُ بنُ الحجّاجِ العتكيُّ (82ـ160هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ المحدّثينَ المشاهيرُ منْ أتباعِ التّابعينَ.
- ثابتُ البنانيّ: وهوَ أبو محمّدٍ، ثابتُ بنُ أسلمَ البُنانيُّ (41ـ123هـ)، وهوَ منَ التّابعينَ الثّقاتِ في رواية الحديثِ عنِ الصّحابةِ.
دلالة الحديث:
يشيرُ الحديثُ إلى نهيِّ النّبيِّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ عنْ تمنّي الموتَ منَ المسلمِ عندما يصيبهُ تعبُ أوكدٌّ أوْ مرض، وقدْ علّمنا رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ أنْ نقولَ عند ذلكَ: “اللّهمَّ أحْيني ما كانتِ الحياةُ خيراً لي، وتوفّني إذا كانتِ الوفاةُ خيْراً لي”، وفي هذا دعوةُ إلى التّسليمِ بقضاءِ اللهِ وقدرهِ والإيمانُ بأنَّ الحياةَ والموتَ منَ اللهِ تعالى، وعلى المسلمُ الصّبرَ على المرضِ إرضاءً للهِ تعالى وعدمُ اليأسِ والقنوطِ منْ رحمةِ الله، وقدْ ذكرَ العُلماءُ أنَّ النّهيَ عنْ تمنّي الموتِ إنّما إذا كانَ على غيرِ الدّعاءِ الّذي علّمنا إياهُ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ في هذا الحديثِ، واللهُ تعالى أعلمُ.
ما يرشد إليه الحديث:
منَ الفوائدِ منَ الحديث:
- كراهةُ تمنّي الموتَ لضرٍّ يصيبُ المسلمَ.
- الدّعوةُ إلى الصّبرِ على المرضِ والمصيبةِ.